للشفاعة.
وهناك بيان للعلاّمة الطباطبائي حول هذا القسم من الآيات نأتي به :
كانت الملل القديمة من الوثنيين وغيرهم تعتقد أنّ الحياة الآخرة نوع حياة دنيوية يطّرد فيها قانون الأسباب ، ويحكم فيها ناموس التأثير والتأثر المادي الطبيعي ، فيقدّمون إلى آلهتهم أنواع القرابين والهدايا للصفح عن جرائمهم أو الامداد في حوائجهم ، أو يستشفعون بها ، أو يفدون بشيء عن جريمة ، أو يستنصرون بنفس أو سلاح ، حتى انّهم كانوا يدفنون مع الأموات أنواع الزخرف والزينة ليكون معهم ما يتمتعون به في آخرتهم ، ومن أنواع السلاح ما يدافعون به عن أنفسهم ، وربما ألحدوا معه من الجواري من يستأنس بها ، ومن الأبطال من يستنصر به الميت ، وتوجد اليوم في المتاحف بين الآثار الأرضية عتائق كثيرة من هذا القبيل ، وقد أبطل القرآن جميع هذه الآراء الواهية والأقاويل الكاذبة ، فقال عزّ من قائل : ( وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ ) (١) وقال : ( وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ) (٢).
وقال : ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) (٣).
وقال : ( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (٤). إلى غير ذلك من الآيات التي يبين فيها أنّ ذلك
__________________
(١) الانفطار : ١٩.
(٢) البقرة : ١٦٦.
(٣) الأنعام : ٩٤.
(٤) يونس : ٣٠.