ورابطة الإمامة والقيادة الحاكمة في الحياة الدنيوية ، فإنّ صريح الآيات هو أنّ كل أُناس يُدّعى بإمامتهم فالقيادة الموجودة في هذه الحياة يمتد وجودها إلى الحياة الأخروية ، فمن كان قائداً في هذا الظرف فهو قائد في الحياة الأخروية ، قال سبحانه : ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) (١) فهذه الآية تكشف عن أنّ القيادة سيمتد وجودها وينجر من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى ، ويدل على ذلك بوضوح قوله سبحانه في حق فرعون : ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْرُودُ ) (٢).
وهذه الآية تدل ـ بوضوح وصراحة ـ على امتداد وجود القيادة من هذه الحياة إلى الحياة الأخروية ، فالإمام الحق يقود أُمّته إلى الجنة ، والإمام الباطل يقدم قومه ويوردهم النار ، وعلى ذلك فكل إمام سواء كان حقّاً أو باطلاً شفيع يسوق المشفوع له إلى الغاية التي يتوخّاها ، ولا يختص ظرف تلك الشفاعة بالحياة الدنيوية.
ولكن الإجابة عن هذا السؤال واضحة ، فإنّ القول بأنّ حقيقة التجسّم امتداد لنفس العمل الدنيوي إلى الحياة الأخروية غفلة عن حقيقة التجسّم الذي كشف عنه القرآن في بعض آياته.
فإنّ التجسّم الذي يعترف به القرآن هو عبارة عن ظهور نفس العمل الدنيوي بالوجود المناسب للعالم الأخروي ، فالقيادة في الحياة الأخروية ليست امتداداً للقيادة الحاكمة في الحياة الدنيوية بل هو ظهور تلك القيادة بالوجود المناسب للعالم الأخروي ، والفرق بين الوجودين كالفرق بين الذهب ومعدنه ، فليس هناك ذهبان بل هناك ذهب واحد ، يظهر تارة بوجود معدني مع ما يرافقه
__________________
(١) الإسراء : ٧١.
(٢) هود : ٩٨.