كافة المرجئة سوى محمد بن شبيب ، وأصحاب الحديث قاطبة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك ، وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النار عام في الكفار وجميع فساق أهل الصلاة.
واتفقت الإمامية على أنّ من عذب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة لم يخلد في العذاب وأُخرج من النار إلى الجنة ، فينعم فيها على الدوام ، ووافقهم على ذلك من عددناهم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا انّه لا يخرج من النار أحد دخلها للعذاب (١).
نعم نسب العلاّمة الحلي في « كشف المراد » تلك العقيدة إلى بعض المعتزلة لا إلى جميعهم (٢) وكذلك نظام الدين القوشجي في شرحه على التجريد (٣).
وقد خالفهم أئمّة المسلمين وعلماؤهم في هذا الموقف وقالوا بجواز العفو عن العصاة عقلاً وسمعاً.
أمّا العقل ، فلأنّ العقاب حق لله تعالى فيجوز تركه.
وأمّا سمعاً ، فللآيات الدالة على العفو فيما دون الشرك قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) (٤) والآية واردة في حق غير التائب ، لأنّ الشرك مغفور بالتوبة أيضاً ، وقال سبحانه : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ) (٥) أي تشملهم المغفرة مع كونهم ظالمين.
وقال سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن
__________________
(١) أوائل المقالات : ١٤.
(٢) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٢٦١ ، طبعة صيدا.
(٣) شرح التجريد للقوشجي : ٥٠١.
(٤) النساء : ٤٨.
(٥) الرعد : ٦.