الله ، فما معنى أن يقع بعض أقسام الجرم والمجرمين في إطار الشفاعة دون البعض مع اشتراك الجميع في هدم الحدود ، والتجاوز والعدوان ؟
الجواب
إنّ ما زعمه المستشكل من استلزام الشفاعة الترجيح بلا مرجح ، والتفريق في القانون إنّما يتم إذا كان جميع ألوان الجرم وأنواع المجرمين في درجة واحدة في الآثار والتبعات والكشف عن النفسيات ، وأمّا إذا كان للجرم مراتب أو كان المجرمون على درجات في النفسيات والروحيات فلا تستلزم الشفاعة ما ذكره المستشكل ، فلا يستوي من أحرق منديل أحد عدواناً ، ومن أحرق مصنعاً كبيراً تعيش به مئات من العمال ، فكلا العملين تجاوز وعدوان ولكن شتان بين الأوّل والثاني.
ولأجل ذلك تكون العقوبات والتبعات متفاوتة حسب تفاوت مراتب الجرم وحسب كشف العمل عن روحية المجرم ونفسيته.
فهناك شاب لا يملك نفسه عن النظر إلى المرأة الأجنبية نظراً ممزوجاً بالسوء ، وهناك آخر يعتدي بالعنف عليها ، فكلا العملين عدوان على القانون وتجاوز على الحدود وتجاهل للحرمة ولكن تختلف مراتبهما. وعلى ذلك فإذا كان المجرمون مختلفين ومتفاوتين في مراتب الجرم فلا تعد الشفاعة في حق من كان أخف جرماً دون الآخر تفريقاً في القانون.
كما أنّ هناك فرقاً بين مجرم قد حافظ على روابطه الإيمانية مع الله ، وعلى علاقاته الروحية مع الشفيع بحيث لا يعد المجرم إنساناً أجنبياً عن كلا المقامين ، ومجرم قد قطع كل علاقاته الإيمانية والروحية بحيث صار إنساناً أجنبياً عن الشافع والمشفوع عنده ، فتشريع الشفاعة في حق الأوّل وقبولها في شأنه دون الثاني