بِإِذْنِهِ ) (١) وقال سبحانه : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) (٢) غير انّ الاستثناء لا يدل على وقوع المستثنى إذ له نظائر في القرآن الكريم. قال سبحانه : ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَىٰ * إِلا مَا شَاءَ اللهُ ) (٣) إذ من المحقق انّ النبي لا ينسى القرآن ، ولم ينسه. ومثله قوله سبحانه : ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) (٤).
ومن المعلوم انّ الاستثناء الوارد في الآية الأخيرة غير محقّق أبداً فانّهم مخلدون فيها. نعم يدل الاستثناء على الإمكان ، أي إمكان اخراجهم من الجنة ، معلناً بأنّ دخولهم الجنة لا يلازم نفي القدرة الإلهية على إمكان إخراجهم منها ، وانّه ليس الأمر خارجاً عن قدرته ، فله أن يخرجهم منها كما له أن يبقيهم فيها ، فلا مانع من أن تكون الآيات الواردة في الشفاعة ، خصوصاً ما اشتمل منها على الاستثناء من هذا القبيل ، معلناً بإمكان الشفاعة لا وقوعها.
الجواب
قد أشبعنا البحث حول الآيات الواردة في الشفاعة فيما مضى ، وبيّنا أصنافها ، وقلنا إنّ الآيات النافية للشفاعة من الأساس ، راجعة إلى أيّ قسم منها ، فلأجل ذلك لا نعيد الكلام فيها. وإنّما المهم توضيح ما ورد من الاستثناء في الآيات المتقدمة فنقول :
إنّ البحث عن إمكان الشفاعة وامتناعها يشبه الأبحاث الفلسفية الدارجة فيها ولا يناسب حمل الآيات عليها ، والتقول بأنّ الآيات ناظرة إلى إمكانها لا
__________________
(١) البقرة : ٢٥٥.
(٢) الأنبياء : ٢٨.
(٣) الأعلى : ٦ ـ ٧.
(٤) هود : ١٠٨.