الثاني : ما يخصص النبوة بتجلّي الله لنبيه في اليقظة ، ولا يطلقها على غيره من مراتب الوحي (١).
روى الصدوق عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام جعلت فداك : الغشية التي تصيب رسول الله إذا أُنزل عليه الوحي ؟ فقال : « ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد ، ذاك إذا تجلّى الله له » ، قال : ثم قال : « تلك النبوة يا زرارة » وأقبل يتخشع (٢).
ويمكن توجيهه بحملها على الدرجة الكاملة من النبوة ، وإن كانت النبوة غير منحصرة في هذا القسم ، كما ينبئ عنه قوله عليهالسلام تلك النبوة ، فلا ينافي ما أوضحناه.
وأمّا حديث الغشية ، فقد أوضحه الإمام في رواية أُخرى بقوله : « إنّ جبريل إذا أتى النبي لم يدخل عليه حتى يستأذنه ، فإذا دخل عليه قعد بين يديه قعدة العبد ، وإنّما ذلك عند مخاطبة الله عزّ وجلّ إياه بغير ترجمان وواسطة » (٣).
الثالث : ما يظهر منه اختصاص النبوة بالإيحاء في المنام ، والرسالة بمعاينة الملك (٤).
__________________
(١) وقد نقله قولاً في مجمع البحرين مادة « نبأ ».
(٢) التوحيد : ١١٥ ، طبعة مكتبة الصدوق.
(٣) راجع البحار : ١٨ / ١٠٢.
(٤) الظاهر انّ المراد من الملك في هاتيك الروايات هو جبرئيل ، ولو كان مطلق من كلّمه الملك أو رآه رسولاً ، يلزم أن تكون سارة زوجة إبراهيم ومريم بنت عمران رسولتين ، بل كل من كلّمه الملكان ببابل ، رسولاً ، وعند ذلك يمكن أن يقال : إنّ المراد من الملك فيها هو جبرئيل وله بين الملائكة شأن عظيم وهو رسول كريم ، ذو قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين.
وقد جعل المجلسي في « مرآة العقول » : ١ / ١٣٤ هذا المعنى أحد الاحتمالات.