يعدان متعارضين ، أضف إلى ذلك إنّ كثيراً منها ليست في مقام التحديد ، بل في مقام انّ النبوة تتحقق بالرؤية في المنام ، أو برؤية الملك في اليقظة بلا تكلم معه ، فما يثبت للنبي شأنين ، لا صراحة فيه ، في اجتماعهما معاً ، كما يستفاد ذلك أيضاً ، من رواية « المعروفي » الآتية.
الخامس : ما يظهر منه انّ النبي يعاين الملك ولا يسمع كلامه حين المعاينة بخلاف الرسول فإنّه يعاينه حين التكلم :
أخرج الكليني عن علي بن إبراهيم (١) عن أبيه (٢) عن إسماعيل بن مرار (٣) ، قال كتب المعروفي إلى الرضا عليهالسلام جعلت فداك : أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام ؟ قال : « إنّ الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه ، وربّما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ، والنبي ربّما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع ، والإمام الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص » (٤).
وظاهره انّ النبي يعاين الملك وان لم يسمع كلامه ، وهذا مخالف لما أوردناه في القسمين الماضيين ( الثالث والرابع ) خصوصاً الأخير ، فإنّ صريحه انّ النبي لا يعاين الملك. اللّهم إلاّ أن يقال : إنّ المنفي عنه فيهما معاينته مع سماع كلامه ، والثابت له في هذا القسم هو المعاينة مع عدم سماع كلامه ، ولم يظهر من القسمين سلبهما عن النبي.
__________________
(١) ثقة جليل.
(٢) إمامي ممدوح.
(٣) يروي عن يونس بن عبد الرحمان ، قال ابن الوليد : كل ما روي عن يونس صحيح ، غير ما انفرد به العبيدي ، وهذه الجملة من خرّيت الفن توثيق له على وجه العام ، فالحديث وان لم يكن صحيحاً لكنه معتبر.
(٤) الكافي : ١ / ١٧٦ ، باب الفرق بين النبي والرسول.