فهذا الرسول » (١).
وأمّا النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليهالسلام ونحو ما كان رأى رسول الله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل من عند الله بالرسالة ، وكان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه جبرئيل ويكلّمه بها قبلاً ومن الأنبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلّمه ويحدّثه ، من غير أن يكون يرى في اليقظة وأمّا المحدث فهو الذي يحدث ، فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه (٢).
أقول : أثبت الحديث في صدره للنبي أمراً واحداً وهو انّه يرى في منامه ، لكنه استدركه في ذيله وأثبت له أمرين ، وهو انّه يرى في منامه ويسمع صوت الملك ولا يراه في اليقظة ، ولعل تعريف النبي بالرؤية في المنام ، للإيعاز إلى أقل ما تتحقق به النبوة ، مثل ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يرى من أسباب النبوة قبل الوحي.
أضف إليه انّ ما أثبته ذاك الحديث للإمام من سماع صوت الملك بلا معاينة ولا رؤية في المنام ، أثبته الحديث السابق للإمام.
ثم إنّ رفع الاختلاف بين القسمين ( الثالث والرابع ) سهل ، فإنّ القسم الثالث وان أثبت للنبي شأناً واحداً وأثبت ذاك شأنين إلاّ إنّ الرابع يقدّم على الثالث ، لأنّه تعرض لأمر لم يتعرّض له الآخر ، والمثبت مقدم على الساكت ولا
__________________
(١) لما كانت الوظيفة المحولة على الرسول أشد وأشق من النبي غير الرسول ، وبما انّه في إبلاغ رسالاته مضطر إلى ملابسة الناس وأحوالهم من جميع المشارب والأذواق والعقليات المختلفة ، وهو معرض لصنوف ثقيلة من الأذى والسخرية والجدال والمشاحنة ، اقتضى ذلك ، اختصاص الرسول بالمعاينة ، إذ هو عند ذاك في حاجة إلى تقوية روحه وتثبيت جناحه وتشجيعه على التحمل والصبر ومعاينة الملك ، وربما تزود العاين بكل هذه الأسلحة الروحية لمواجهة هذه المواقف الصعبة ، ولأجله قال عليهالسلام : الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلاً فيراه ويكلمه.
(٢) الكافي : ١ / ١٧٦ ، باب الفرق بين النبي والرسول والمحدّث.