وإنّما أُمّهات الناس أوعية |
|
مستودعات وللأنساب آباء |
وإنّما أدخل الإسلام القرابة من جانب النساء وساوى بين البنات والبنين ، واعتنى بكل وشيجة حصلت بينهم سواء أكانت من جانب الرجال أم من جانب النساء ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يرتبط بالأنصار من جانب النساء ، فإنّ هاشماً تزوج ببنت « عمرو الخزرجي » فولدت له عبد المطلب وهو جد النبي الأكرم ، وما كان عرب الجاهلية يقيمون وزناً للقرابة الناشئة من جانب البنت.
الثالث : انّ الخطاب لقريش ، والمقصود مودّة النبي إيّاهم ، والمعنى لا أطلب منكم أجراً ولا جزاء ولكن حبي لكم بسبب ما تربطني بكم من قرابة هو الذي دفعني إلى الاعتناء بكم وبهدايتكم.
وهذا المعنى اختاره روزبهان حيث قال : لكن المودة في القربى حاصل بيني وبينكم ، فلهذا أسعى واجتهد في هدايتكم وتبليغ الرسالة إليكم (١).
ولا يخفى أنّ لفظ الآية لا يحتمل ذاك المعنى ، ودلالتها عليه تحتاج إلى تقدير أُمور كثيرة ، وما حمله على تفسير الآية بما ذكر إلاّ مخالفته للعلاّمة الحلي في الاستدلال بالآية على عصمة من وجبت محبتهم ، ولو كان القائل مجرداً عن جميع الميول والأغراض لم يحمل الآية على هذا المعنى ، فإنّ الذي دفع النبي إلى الاهتمام بأمر قريش هو امتثال أمر الله حيث قال : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (٢) ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ ) (٣).
أضف إلى ذلك أنّ حرص النبي على إنقاذ المجتمع الإنساني من الضلالة لم يكن منحصراً بقريش بل هم وغيرهم في هذا الاهتمام سواسية ، وقال سبحانه
__________________
(١) إحقاق الحق : ٣ / ٢٠.
(٢) الشعراء : ٢١٤.
(٣) الحجر : ٩٤ ـ ٩٥.