القوم كأنّه حكم على توابعهم ولوازمهم بالمجيء ، ولأجل ذلك لا يصح أنّ يقال : جاءني القوم إلاّ الشجر.
وعلى ذلك فالمصحح لاستثناء المودّة في القربى هو دخولها في المستثنى منه بنحو من أنحاء الدخول إمّا حقيقياً أو حكمياً ، وحينئذ فلو قلنا : إنّ أجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو مودّة أقربائه بما هي هي ، وبما أنّها مطلوبة بذاتها ، لصح الاستثناء لدخولها في الأجر دخولاً حقيقياً ، ويصح أن يطلق عليه الأجر على نحو الحقيقة.
وإن قلنا : بأنّ أجر النبي هو مودة أقربائه بما أنّها ذريعة لتكامل الأمّة في مرحلتي الفكر والعمل ، لصح الاستثناء أيضاً ، لكونها داخلة في الأجر دخولاً حكمياً ، وعلى كلا التقديرين يصح أن يطلق عليه الأجر ، وبتبعه يصح الاستثناء والاستدراك.
وأمّا لو قلنا : بأنّ المراد هو مودة كل ذي رحم لرحمه كمودة المسلم الأفريقي لأخيه والآسيوية لأختها ، فذلك وإن كان أمراً مطلوباً لكن لا يشمله لفظ الأجر لا حقيقة ولا عناية حتى يصح الاستثناء والاستدراك. وعلى الجملة فالأجر الوارد في الآية إنّما يراد منه ما يرجع إلى الإنسان الطالب للأجر رجوعاً واقعياً أو ظاهرياً ، وهو لا يحصل إلاّ أنّ تفسر المودة ، بمودة أقرباء ذلك الرجل الطالب.
وأمّا إذا أُريد منه مودة كل بعيد لرحمه ، فذلك لا يعد أجراً حتى بصورة الظاهر ، ليصح الاستثناء ، وإن شئت قلت : إنّ الأجر هو المكافأة والإثابة على العمل ، ولا يطلق إلاّ على الشيء الذي تعود نتيجته إلى العامل بنحو من الأنحاء ، وعلى ذلك فالمستثنى يجب أن يكون من جنس المستثنى منه ، أو مرتبطاً به بنحو من الارتباط لا أجنبياً عنه ، فعندئذٍ لو أُريد مودة نفسه وأقربائه ، لصح أن يستثنى من الأجر المنفي لدخوله في المستثنى منه ، وأمّا إذا أُريد مودة كل رجل لرحمه فلا يشمله لفظ الأجر حتى بنحو العناية والمجاز ، ليصح الاستثناء ، ولا يتوجه ذهن