على أنّه يستلزم أن يكون لفظ القربى ـ على هذا المعنى ـ حشواً ، بل كان اللازم أن يقول : إلاّ المودّة بينكم.
السادس : انّ المقصود هو لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجراً إلاّ أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح (١).
وحاصل هذا الوجه : أنّ حبكم لله ورسوله يتجسّم في تقرّبكم إليه بالطاعة والعمل الصالح ، فيكون « في » للسببية. وكأنّه يدعو الناس إلى حب الله ورسوله بتجسيد هذا الحب في قالب الطاعة والعمل الصالح.
وهذا الوجه من أبعد الوجوه عن مراد الآية ، إذ هو مبني على تفسير القربى بالمقرِّب : أي ما يقرِّب العبد إلى الله سبحانه ، من الطاعة والعمل الصالح ، مع أنّ أهل اللغة والاستعمال قد اتفقوا على حصر معناها في الوشيجة الرحمية ، والرابطة النسبية ، وقد قدمنا لك نصوصاً في هذا المجال في المقام الأوّل.
السابع : لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجراً إلاّ التوادّ والتحابّ فيما يقرِّب إلى الله تعالى من العمل الصالح. روي هذا المعنى عن الحسن والجبائي ، وأبي مسلم.
وهذا الاحتمال مبهم لا يعلم مراد القائل منه إلاّ بطرح جميع محتملاته ، وإليك بيانها :
١. انّ المقصود أنّي لا أسألكم أجراً إلاّ أن تودّوا وتحبوا ما يقرِّبكم إلى الله سبحانه ، كالأعمال الصالحة.
وفيه : مضافاً إلى ما عرفت من عدم صحّة تفسير القربى بالمقرّب ، إنّه يكون الغرض الأقصى عندئذ هو إطاعة الله سبحانه والإتيان بما يقرب العبد منه ،
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٨٢ ، مجمع البيان : ٥ / ٢٨.