ثم استشهد بآيات في سورة العنكبوت والإسراء والأنعام وغيرها ، ممّا سنفرد لدراستها فصلاً خاصاً بعد هذا الفصل.
على أنّ « فندر » لم ينفرد بطرح هذه الشبهة ، بل طرحها قساوسة آخرون قبله وبعده.
وقد ذكر فخر الإسلام : أنّ المسيو « جورج دوروي » رسم في ص ١٥٧ من كتابه صورة خيالية عن النبي الأكرم بيده ورقة من القرآن الكريم ، وكتب تحت الصورة هكذا : كان محمد كلّما طالبه قومه بمعجزة ردّهم قائلاً : ليس لي أن آتيكم بمعجزة إلاّ بإذن الله ، ولكن الله لم يمن عليّ بهذه النعمة ، أي نعمة إظهار المعاجز (١).
وبهذه الكيفية حاول المسيو « جورج دوروي » المسيحي أن ينفي معاجز النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن ما نقله عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلميتألف من صحيح وسقيم.
أمّا الصحيح : فهو قوله في جواب قومه : إنّه ليس لي أن آتيكم بمعجزة إلاّ بإذن الله. وذلك أمر يؤيده القرآن حيث يقول سبحانه : ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ ) (٢).
وأمّا السقيم : فهو ما ألحقه بكلام الرسول افتراءً عليه ، وهو قوله : ولكن الله لم يمنّ عليّ بهذه النعمة ولم يعطني أية معجزة.
فإنّ هذا الكلام المنقول عن لسان النبي تقوّل على رسول الله ، وقد دلّت شواهد كثيرة على أنّه أتى بمعاجز كثيرة لقومه يوم طلبوا منه ذلك ، ولم يكن شأنه إلاّ شأن سائر الأنبياء والرسل.
__________________
(١) أنيس الأعلام : ٥ / ٣٥١ لفخر الإسلام وهو قس مسيحي أسلم وكتب حول النصرانية ، وما فيها من تناقضات وخرافات ، كتابه القيم « أنيس الأعلام » وغيره من الكتب القيمة.
(٢) الرعد : ٣٨.