هذه عبائر أشهر المفسرين الذين أسميناهم ، ومثلها غيرهم ، ونحن لا يهمنا البحث في تفاسير هذه المعجزة ، ولا الاعتراضات الطفولية التي تثار حولها ، إنّما يهمنا أن نبحث في دلالة الآيات المذكورة على وقوع هذه المعجزة العظمى على يد الرسول الكريم.
أمّا قوله سبحانه : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) فمعناه أنّ الساعة ـ أي القيامة ـ قد قربت وقرب موعد وقوعها ، وإن كان الكفّار يتصورونه بعيداً ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في موضع آخر حيث قال : ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً ) (١).
وأمّا قوله : ( وَانشَقَّ القَمَرُ ) يدل على وقوع انشقاق القمر ، لأنّه فعل ماض ولا وجه لحمله على المستقبل ، بأن يكون المراد سينشق القمر في المستقبل أي عند وقوع القيامة ، لأنّ إرادة المضي من لفظ انشق أولى ، للمناسبة بينها وبين الجملة السابقة : ( اقْتَرَبَتِ ) وحمل الثاني ( انشَقَّ ) على المستقبل نوع مجاز ، وإن كان بادّعاء كونه محقق الوقوع ، وأمّا وجه الربط بين الجملتين فهو ما أشار إليه أمين الإسلام الطبرسي في مجمعه من أنّ انشقاقه من علامة نبوة نبينا ، ونبوته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة.
وبهذا يكون القرآن قد أخبر في هذه الآية عن تحقق هذين الشرطين : ظهور نبي الإسلام ، وانشقاق القمر بيده ، وإنّهما من أشراط الساعة كما يقول في آية أُخرى : ( فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) (٢).
وعندئذ لا مجال لحمل الجملة ( انشَقَّ ) على المستقبل.
أضف إلى ذلك أنّ قوله تعالى : ( وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ
__________________
(١) المعارج : ٦ ـ ٧.
(٢) محمد : ١٨.