مُسْتَمِرٌّ ) أوضح شاهد على وقوع هذه المعجزة « انشقاق القمر » في عهد الرسول ، لأنّ المقصود من الآية في قوله ( وَإِن يَرَوْا آيَةً ) غير القرآن من المعاجز ، بدليل أنّه يقول : ( وَإِن يَرَوْا ) ولو كان المراد من الآية هي الآيات القرآنية لكان اللازم أن يقول : وان سمعوا آية ، أو تنزّلت عليهم آية ، وعلى هذا تكون الآية المرئية هي انشقاق القمر الذي سبق ذكره في الآية السابقة.
ثم إنّ الدقة والإمعان في قوله تعالى : ( يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) يقودنا إلى الإذعان بأنّ ظرف هذا الحدث « انشقاق القمر » إنّما هو هذا العالم الدنيوي ، وقبل بعث الناس وحشرهم حتى يكون مجال للناس أن يتفوّهوا بغير الحق ، ويقولوا هذا سحر مستمر ، وأمّا الآخرة فليس هناك لأحد أن يتفوّه بغير الحق ، أو يصف الإعجاز بالسحر إذ يختم في ذلك اليوم على الأفواه ، وتتكلّم الأيدي والأرجل قال سبحانه : ( اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (١).
بل لا يؤذن لهم حتى يعتذروا فضلاً عن أن يتكلموا بما سولت لهم أنفسهم من الكذب والدجل ، قال سبحانه : ( هَٰذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) (٢) بل هناك تنكشف الحقائق وتظهر البواطن ويقف الإنسان على الحقائق ببصر حديد قال سبحانه : ( لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ ) (٣).
هكذا يدل هذا المقطع من الآية على أنّ ظرف الانشقاق كان في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأجل ذلك اتخذ منه المشركون موقفاً متعنتاً مجادلاً ، وقال قائلهم :
__________________
(١) يس : ٦٥.
(٢) المرسلات : ٣٦.
(٣) ق : ٢٢.