يقول : « بل تبين للرسل صدق ادّعاء المؤمنين فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ».
الثاني : انّ معنى الآية : ظن الأُمم أنّ الرسل كذبوا في ما أخبروا به من نصر الله إيّاهم وإهلاك أعدائهم وهذا الوجه هو المروي عن سعيد بن جبير واختاره العلاّمة الطباطبائي ، فالآية تهدف إلى أنّه إذا استيئس الرسل من إيمان أُولئك الناس ، هذا من جانب ومن جانب آخر ظنّ الناس ـ لأجل تأخر العذاب ـ انّ الرسل قد كذبوا ، أي أخبروا بنصر المؤمنين وعذاب الكافرين كذباً ، جاءهم نصرنا ، فنجّي بذلك من نشاء وهم المؤمنون ، ولا يرد بأسنا أي شدتنا عن القوم المجرمين.
وقد دلّت الآيات على أنّ الأُمم السالفة كانوا ينسبون الأنبياء إلى الكذب ، قال سبحانه في قصة نوح حاكياً عن قول قومه : ( بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) (١) ، وكذا في قصة هود وصالح.
وقال سبحانه في قصة موسى : ( فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) (٢). (٣)
ولا يخفى ما في هذا الجواب من الإشكال ، فإنّ الظاهر هو انّ مرجع الضمير المتصل في « ظنّوا » هو الرسل المقدم عليه ، وإرجاعه إلى الناس على خلاف الظاهر ، وعلى خلاف البلاغة وليس في نفس الآية حديث عن هذا اللفظ ( الناس ) حتى يكون مرجعاً للضمير في « ظنّوا ».
أضف إلى ذلك انّ ما استشهد به مما ورد في قصة نوح لا يرتبط بما ادّعاه فإنّ
__________________
(١) هود : ٢٧.
(٢) الإسراء : ١٠١.
(٣) الميزان : ١١ / ٢٧٩.