الأَصْنَامَ ) (١) ، فلم تزل ناس من ذرية إبراهيم عليهالسلام على الفطرة يعبدون الله تبارك وتعالى ، ويدلّ عليه قوله : ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) (٢) فإنّ الكلمة الباقية هي كلمة التوحيد ، وعقب إبراهيم عليهالسلام هم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله الكرام ، قال بعض الأفاضل : اللّهم حل بيننا وبين أهل الخسران والخذلان الذين يؤذون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بنسبة ما لا يليق بأبويه الكريمين الشريفين الطاهرين ـ إلى أن قال ـ : فهما ناجيان منعّمان في أعلى درجات الجنان ، وما عدا ذلك تهافت وهذيان ، لا ينبغي أن تصغي له الأُذنان ولا أن يعتني بإبطاله أُولو الشأن (٣).
إذا وقفت على ما ذكرنا تعرف قيمة كلمة ابن حزم الأندلسي في أحكامه (٤) ، حيث نسب إلى والدي النبي الأكرم ما لا يليق بساحتهما ، ويكفي في سقوط هذه الكلمة أنّ راويها وكاتبها ابن حزم الذي أجمع فقهاء عصره على تضليله والتشنيع عليه ونهي العوام عن الاقتراب منه وحكموا بإحراق كتبه (٥).
وقال ابن خلّكان في وفياته : وكان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين لا يكاد يسلم أحد من لسانه ، فنفرت عنه القلوب ، واستهدف فقهاء وقته ، فتمالأوا على بغضه ، وردّوا قوله ، وأجمعوا على تضليله ، وشنّعوا عليه ، وحذّروا سلاطينهم من فتنته ، ونهوا عوامّهم عن الدنو إليه والأخذ عنه ، فأقصته الملوك وشردته عن بلاده حتّى انتهى إلى بادية « لبلة » ، فتوفي بها آخر نهار الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة ، وقيل إنّه توفي في « منت ليشم » ، وهي قرية ابن حزم المذكور. وفيه قال أبو العباس ابن العريف : كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج ابن يوسف شقيقين ، وإنّما قال ذلك لكثرة وقوعه في الأئمّة (٦).
__________________
(١) إبراهيم : ٣٥.
(٢) الزخرف : ٢٨.
(٣) الإتحاف بحب الأشراف : ١١٣ ـ ١١٨.
(٤) الأحكام : ٥ / ١٧١.
(٥) لسان الميزان : ٤ / ٢٠٠ ، وقد عرّفه الآلوسي في تفسيره : ٢١ / ٧٦ بالضال المضل.
(٦) وفيات الأعيان : ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨.