هو الأمر التكويني الّذي بيّنت حقيقته في قوله : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) (١).
وقال سبحانه : ( وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) (٢) ، والمراد بكلمة ( كُن ) ليس هو التلفّظ بل وجود الشيء المعين بلا تدرج وتغيير كما هو اللائق بأفعاله سبحانه كما أنّه مع التغير والانطباق على قوانين الحركة والزمان هو الخلق.
إذا عرفت ذلك ، نقول : إنّ شأن النبي والرسول هو إراءة الطريق وشأن الإمام هو الإيصال إلى المطلوب ، لأنّ الإنسان الكامل الّذي يهدي بأمر ملكوتي (٣) ( لا بأمر لفظي ) يصاحب ذلك الأمر ، فالإمامة نحو ولاية للناس في أعمالهم ، وهدايتها ، إيصالها إيّاهم إلى المطلوب بأمر الله (٤).
وقد أوضحه أيضاً في كتابه « الشيعة في الإسلام » بقوله :
كما أنّ الإمام قائد ومسيّر وزعيم للأُمّة بالنسبة للظاهر من الأعمال ، كذلك هو قائد وزعيم بالنسبة للباطن من الأعمال أيضاً ، فهو المسيّر والقائد للإنسانية من الناحية المعنوية نحو خالق الكون وموجده.
إنّ كل عمل من الأعمال الحسنة والسيئة تولّد في الإنسان واقعية ، والحياة الأُخروية ترتبط بهذه الواقعيات ارتباطاً وثيقاً. والإنسان يتصف بحياة باطنية غير الحياة الظهرية الّتي يعيشها والّتي تنبع من أعماله ، وترتبط حياته الأُخروية بهذه الأعمال والأفعال الّتي يمارسها في حياته هنا ، قال سبحانه : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
__________________
(١) يس : ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) القمر : ٥٠.
(٣) يريد بالأمر الملكوتي : الأمر التكويني الّذي تعلّقه بشيء نفس تحقّقه وتكوّنه ، وأين هو من الأمر اللفظي أو الذهني اللّذين ينفكان عن المراد والمأمور به ويتوقفان على مقدمات ومعدّات.
(٤) الميزان : ١ / ٢٧٤ ـ ٢٧٦ بتلخيص.