مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) (١).
إنّ القرآن يدل على أنّ هناك حياة أسمى وروحاً أرفع من هذه الحياة للصالحين والمؤمنين ، ويؤكد على أنّ نتائج الأعمال الباطنية تلازم الإنسان دوماً ولكن الإنسان ربما لا يشعر بأنّ الأعمال الحسنة أو السيئة تكوّن في الإنسان حياة أُخروية وواقعية باطنية وسعادة وشقاء ، ومع ذلك كلّه هي مؤثرة ، والإنسان في حياته يشبه الطفل حيث يملي عليه مربّيه بألفاظ الأمر والنهي ، فهما كافلان لتكوين حياة سعيدة له ، هو يأتمر أمره ولا يشعر بما يترتّب على طاعة أمره ونهيه من النتائج ، لكنّه كلّما تقدّم في العمر استطاع أن يدرك ما قاله مربّيه ، فينال بذلك الحياة السعيدة ، وما ذلك إلاّ بما اتصف به من ملكات ، وإذا ما رفض وعصى معلمه الّذي كان يسعى له بالصلاح ، تجد حياته مليئة بالمآسي والآلام.
الإنسان يشبه المريض الّذي دأب على تطبيق أوامر الطبيب في الدواء والغذاء أو رياضة خاصة ، فهو لم يبال بشيء إلاّ ما أملاه عليه طبيبه ، فعندئذ يجد الراحة والصحة ويتحسن بتحسن صحته.
فإذن الإنسان الّذي يصبح قائداً للأُمّة بأمر من الله ، فهو قائد للحياة الظاهرية والمعنوية ، وما يتعلّق بها من أعمال تسير مع سيره ونهجه.
فالإمام فضلاً عن الإرشاد والهداية الظاهرية ، يختص بنوع من الهداية المعنوية ، فهو بواسطة الحقيقة والنور الباطني الّذي يتصف به يستطيع أن يؤثر في القلوب المهيّأة وأن يتصرف بها كيف ما شاء ويسيّرها نحو مراتب الكمال والغاية المتوخاة (٢).
هذا غاية توضيح لهذه النظرية حرّرناها بشكل يقف على مرادها كل من له أدنى إلمام بالعلوم العقلية.
__________________
(١) النحل : ٩٧.
(٢) الشيعة في الإسلام : ١٦٣ ـ ١٦٦.