تصدر منه كبيرة ولا صغيرة إلى أن يلاقي ربّه ، ومع ذلك يكون فاقداً للعصمة وملكة المصونية.
إنّ الإنسان القائم على الصراط السوي في جميع لحظات عمره غير مائل عن الحق فكراً وعملاً ، لا ينفك عن كونه يمتلك ملكة العصمة الحامية من الزلل.
نعم : العدالة غير المطلقة لا تلازم العصمة ، ولأجل ذلك ربّما يقترف العادل بعض المعاصي وإن كان يتوب بسرعة ، لكنّها ليست عدالة مطلقة ، بل عدالة خاصة لا تنافي صدور المعصية ، وأمّا العدالة المطلقة في جميع سني العمر ، والالتزام بالحق قولاً وفعلاً ، عقيدة وعملاً ، بلا انحراف ، فهي عبارة أُخرى عن العصمة ، ولا تتحقق إلاّ بالموهبة الإلهية المفاضة من الله سبحانه على عباده المخلصين.
وإن أبيت إلاّ عن أعمّية ما تهدف إليه الآية وانّ المستفاد منها العدالة المطلقة لا العصمة المفاضة من الله سبحانه ، فنقول : إنّ الشيعة الإمامية تكتفي بذلك في نفي خلافة من تصدّى للخلافة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بحجة أنّهم لم يكونوا ذوي عدالة مطلقة ، كيف وقد عبدوا الصنم والوثن في فترات من عمرهم ؟!
فإذا ثبت عدم صلاحيتهم تعيّنت إمامة العترة الطاهرة ، لأنّ الأُمّة في مسألة الإمامة ذات قولين ، فذهبت طائفة إلى إمامة الخلفاء ، وذهبت طائفة أُخرى إلى إمامة علي وأهل بيته عليهمالسلام ، فإذا نفيت صلاحية الفرقة الأُولى تعيّنت خلافة الطائفة الثانية ، لأنّ إمامة غير هاتين الطائفتين لم يذهب إليها أحد.
وبالجملة : اتفقت الأُمّة الإسلامية على قولين في مسألة الإمامة. فذهب أهل السنّة إلى خلافة الخلفاء الأربعة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم تبدّلت الخلافة بعد الخليفة الرابع إلى الملوكية وخرجت عن صبغة الخلافة الإسلامية ، وقد كان أكثر هؤلاء الخلفاء الأربعة غير مجتنبين عن الشرك وعبادة الوثن في أوّليات حياتهم ،