وقال الفاضل القوشجي : قد جوّز الأزارقة من الخوارج الكفر بناء على تجويزهم الذنب مع قولهم بأنّ كل ذنب كفر (١).
وربما يتوهم تجويز الكفر على النبي لأجل التقية ، وهو باطل ، لأنّ للتقية شرائط خاصة تجوز إذا حصلت ولا تقية في هذا المورد ، وفي ذلك يقول القاضي عبد الجبار الهمداني الأسدآبادي : فإن قال : أفتجوزون على الرسول التقية في ما يؤدّيه ؟ قيل له : لا يجوز ذلك عليه في ما يلزمه أن يؤدّيه ، ولو كانت مجوزة لم تعظم مرتبة النبي ، لأنّها إنّما تعظم ، لأنّه يتكفّل بأداء الرسالة ، والصبر على كل عارض دونه ـ إلى أن قال : ـ فلو هُدّد بالقتل إذا أدّى شريعته فما الحكم فيه ؟ قيل له : يلزمه أن يؤدّيه ويعلم انه تعالى يصرف ذلك عنه (٢).
وأمّا غير الكفر فتفصيل المذاهب هو انّ الشيعة اتفقت على عصمة الأنبياء عن المعصية صغيرة كانت أو كبيرة ، سهواً كانت أو عمداً قبل البعثة أو بعدها. نعم يظهر من الشيخ المفيد تجويز بعض المعاصي الصغيرة على غير عمد على الأنبياء قبل العصمة حيث قال : إنّ جميع أنبياء الله ( صلى الله عليهم ) معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها وبما يستخف فاعله من الصغائر كلها ، وأمّا ما كان من صغير لا يستخف فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوة ، وعلى غير عمد ، وممتنع منهم بعدها على كل حال ( ثم قال : ) وهذا مذهب جمهور الإمامية (٣).
ويظهر ذلك من المحقق الأردبيلي في تعاليقه على شرح التجريد للفاضل القوشجي حيث إنّ المحقق الطوسي استدل على العصمة بأنّه لولاها لما حصل الوثوق بقول الأنبياء ، وأورد عليه الشارح بأنّ صدور الذنوب لا سيما الصغيرة
__________________
(١) شرح التجريد : ٤٦٤.
(٢) المغني : ١٥ / ٢٨٤.
(٣) أوائل المقالات : ٢٩ و ٣٠.