المسافات الطويلة والمساحات الشاسعة من الحياة الإنسانيّة ـ بما تنبض من معرفة ومشاعر وفِكَر وتاريخ ولغة ـ بعدد من المفردات ...
وبثبوت الأساس ـ وهو الحقّ ـ إذن لا نبالي ... لا مبالاة منبعثة من صميم المعرفة وغاية الوعي وصلابة الاعتقاد ، لا أنّها مجرّد أحاسيس وردّة فعل آنيّة ... لا نبالي بأسوأ الاحتمالات وسامق التضحيات ألا وهي الجود بالنفس.
لا نبالي ولا نخشى التلويح بعصا العقلانيّة التي يعتقد الكثيرون تباينها معنا وشدّة عدائها لنا ، بل لنا معها تماهي وثيق ; فهي خليّة من خلايانا ونسيج من أنسجتنا ، لكنّها قد تنعس حيناً وتنام حيناً ولن تموت فينا أبداً مادام النصّ والدين وفضاؤهما يرعوانها .. إنّما الإشكاليّة والعيب والنقص في مناهجنا وأنساقنا التي لا تجيد في العديد من المقاطع والموارد كيفيّة البلورة والتطبيق ، إلى ذلك : حاجز الخوف ، الذي أخذ ولازال يأخذ موضعه منّا ; إثر هيمنة «ثقافة القشور التقليديّة» على فضاءاتنا ، هيمنة سيّئة هي من أسوأ العوامل التي حالت دون ازدهارنا ، حيث زرعت فينا حالات من الارتباك والتزلزل وفقدان الثقة بالذات.
إنّنا محكومون بثورة علميّة معرفيّة تقوّض ثقافة المظاهر والاستعراضيّات والأوهام ، وتعيدنا إلى مواقعنا الحقيقيّة ، ثورة تستلهم من «النصّ» زلال القيم والمبادئ والأخلاق ، بكلّ عمق وجوهريّة ومنهجيّة ، ثورة تحلّل الماضي وتلحظ الحاضر وتستشرف المستقبل ، لا تغفل