عشرة أشخاص ، الواحدة تتبع الاُخرى بعد عشرة دقائق لأداء مراسيم الزيارة.
توجّهنا عقيب ذلك نحو حرم الإمام الحسين (عليه السلام) ، إنّها بقعة ما بين الحرمين ، مشاهد رائعة اختلط فيها جمال الفضاء بعبقات الولاء الفوّاحة بأريج المعزّين ، موكبٌ يتلو موكباً بلا انقطاع أبداً ، وجوهٌ غطّاها غبار الطريق وتلطّخت بوحل الحزن والمواساة ، سالت دموع الألم والمصاب ، فكيف تراها إذن؟! هلاّ يذوب قلبك وتنهمر دموعك وأنت تعايش هذه الصور الشامخة من الحبّ الصادق والعشق الكبير لسيّد الشهداء (عليه السلام) وأصحابه الكرام؟!
بمَ تفكّر وأنت تغادر حرم الكفيل لتكون ما بين الحرمين كي تصل إلى ريحانة الرسول وقرّة عين الزهراء البتول ، بعد أشهر وسنوات وعقود من ألم الفراق ومرارة البعد الطويل ، ألا يستجاب الدعاء ، ألا تقبل الزيارة والصلاة؟! كلاّ وألف كلاّ ، حاشاهم أن يتركونا هكذا ، فهم غير مهملين لمراعاتنا ولا ناسين لذكرنا ولولا ذلك لمسّتنا اللأوى واصطلمتنا الأعداء.
عند الباب الرئيسي استقبلنا سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي ، وبعد مكوثنا قصيراً في مكتبه توجّهنا لأداء الزيارة ، يا لها من جموع غفيرة غصّ بها المقام حقّاً ، جموعٌ تهتف بصوت حماسي : لبّيك يا حسين ، بأصوات معبّرة عن حبٍّ عميق وهيجان كبير ... وأنت بين هذه الجموع لا تشعر سوى أنّك بين أمواج بشريّة هائلة لا تدري إلى أيّ