ولا زالت تتلألأ وتزداد عنفواناً كلّما مرّت عليها الدهور والأيّام ـ ومفهومها ابتداءً ، بل سنجعل حصيلة البحث خاضعةً لأسباب ومقدّمات تلوح من إحداها علائم المعجزة ، ذلك كي لا نغمط قيم الدين ومبادئه الحقّ المشروع ، ولا نخدش الفكر السامي الذي حمله الحسين عليه السلام في قيادة الاُمّة عموماً وتلك المعركة المعهودة على وجه الخصوص.
بمعنى آخر : لا يمكن لنا أن نرمي نتائج نهضة أبي الأحرار عليه السلام في سلّة «المعجزات» فقط ، بل كانت المعجزة إحدى قوائمها وليس كلّ شيء فيها ، رغم وقوفنا على المعجزة وقدسيّتها ومنبع فيوضاتها النورانيّة ، وتسليمنا بكونها : الأمر الخارق الذي لا يحصل إلاّ على يد نبي مرسل أو إمام مفترض الطاعة أو ولي من أولياء الله تبارك وتعالى ، ولاسيّما مع دركنا أنّها غير منافية للعلم المادّي ، وإنّما هو قصور أدوات العقل عن فهم الأسباب التي تحقّقت بموجبها المعجزة ; فهي ليست خروجاً عن قوانين الطبيعة أو خرقاً لها بل تقدّمٌ في عالم المحسوس عن عالم المعقول السائد وقتها ـ أي المعجزة ـ وأ نّها قفزة زمنيّة إلى الأمام في تطويع قوانين الطبيعة ; فـ «فلق البحر» و «إحياء المسيح الموتى» و «نار إبراهيم» ... هي مصاديق ذلك.
إنّنا لو جرّدنا نهضة سيّد الشهداء عليه السلام عن حقيقتها وواقعها المحسوس وسلّمناها قضيّةً غيبيّةً بحتةً فقد أقحمناها عالم الجبر ، وعالم الجبر لا ينهض أبداً بخلق المزايا والصفات ومراتب الرفعة والسموّ لهذا