وما تضطلع به المرجعيّة العليا من دور ومهامّ يتناغم وينسجم ويتطابق مع مبنى ولاية الفقيه العامّة المطلقة.
قد يذهب البعض الآخر إلى القول بأنّ المرجعيّة العليا قد نسفت الإجماع المركّب في المسألة وعملت على تأسيس مبنى ثالث قائل بالتفصيل.
نقول : إنّ فهمنا لولاية الفقيه الخاصّة والعامّة ينطوي على كون الفقيه الجامع للشرائط : مُدرِكاً ، مستوعباً ، واقفاً وقوفاً معرفيّاً علميّاً منهجيّاً على كلّ الأحكام والأدلّة الشرعيّة الأوّليّة منها والثانويّة ، عارفاً خبيراً بالضرورات والمصالح والمفاسد والمحظورات ، قارئاً للنصّ محلّلاً مفسّراً مستنبطاً طبق الضوابط والملاكات المعهودة والأدوات المعروفة .. فثبتت الثانية لعدّة كالنراقي صاحب المستند وصاحب الجواهر والنائيني ومحمّد حسين كاشف الغطاء والخميني رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ولم تثبت لأكثر الفقهاء رحم الله الماضين وحفظ الباقين ، منهم ـ مورد بحثنا ـ السيستاني مدّ ظلّه ، فظلّوا متمسّكين بالاُولى.
نعم ، إنّ السيّد السيستاني استطاع ـ بنظري القاصر ـ أن يقرأ ويحلّل ويقارن ويستقرئ ويستحلب النصّ والدليل بأوسع الممكن ، فاستنتج بغاية المطّاطيّة وبنهاية ما يسمح له الاستنباط دون المساس أو التعدّي على القول الأساس ، فذهب عالياً إلى حيث بلغ به المقام تخوم المبنى وحدود البرهان دون الانتفاض أو تغيير البنيان.