ولكن كم هو مؤلم أن تتواضع الأعلام والرموز بينما تتغطرس الهوامش والفروع وتعلو بكلّ زهو وغرور ، متناسيةً كيف كانت وكيف أصبحت بفضل الأصل والمتون ، غافلةً عن قوله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً) (١) وقوله تعالى : (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُور) (٢).
ملأى السنابل تنحني بتواضع |
|
والفارغات رؤوسهنّ شوامخ |
عزاؤنا أنّ المعرفة السليمة بأركانها وشروطها وخصائصها وتعريفاتها ترفض الرضوخ لسياسة الأمر الواقع ، فتظلّ أبداً ضمير الاُمّة وعنوانها الباسق ، شريان حياتها الدافق ، صوتها الرفيع وحرفها الأنيق ، فصل الخطاب وخطاب الفصل الرشيق ، فأ نّى لها أن تُحتَقَر وتُضام ويعلوها الزبد وغبار الأوهام.
المعرفة المعهودة هي وحدها التي تبقى تحتجّ وتعترض على الواقع المرير وتعمل على التغيير وتصحيح الأخطاء طبق المنهج العلمي السليم وأدوات البحث القويم ، فتصنع الرؤية والحلّ اللذين يحفظان المبادئ ويكسبان العقل الجمعي ويرعيان الظرف ويُبرئان الألم ويرفعان المعاناة ويلبّيان الحاجة قدر المكنة والاستطاعة. على أنّ كلّ خطوة وعمل يفتقدان القربة إلى الله تبارك وتعالى فمآلهما الفشل والخسران المبين.
__________________
١. سورة الرعد : ١٧.
٢. سورة النور : ٤٠.