حتى العلم وحده لا يكفي ، بل العلم ليس بكثرة التعلّم ، فهو بلا عقل يدير ويدبّر وبالٌ وكارثة ، والحكمة لا تأتي عبثاً واعتباطاً ، إنّما هي عجينة العلم والعقل والقلب ، فيسمو الحكيم ويحلّق في آفاق الضمائر ويخترق الحنايا والأعماق ، فيجود بالخير الكثير ، بمناهج الهداية والسعادة والفلاح والحبّ والوئام والسلام ، بما منّ الله تبارك وتعالى عليه من فضل ونعمة لا تساويها القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة ولا كلّ شيء ، نعم ولا كلّ شيء.
فالرسل والأنبياء والأولياء الطاهرون والصالحون من المؤمنين خالدون بسيرتهم ، بإيمانهم وعملهم الصالح وتواصيهم بالحقّ والصبر ، لا بأشياء اُخر ، رغم كلّ الاحترام والإجلال لتلك الأشياء إن كانت تهدي إلى الخير والفلاح.
فنحن وكلّ شرفاء العالم إنّما قاموا تعظيماً وتبجيلاً لسيّدنا السيستاني مدّ ظلّه فلأجل تلك العجينة المعهودة التي غُرست في ذاته بإخلاص ونوايا صادقة ، فلا يعرفون فيه سوى أنّه رجلٌ دعى بالقول والعمل إلى الصلاح والحبّ والسلام والتآلف ونبذ العنف واحترام الإنسان وحقّه في الحياة السليمة.
وإن عرف القليل منّا السيستاني العالم المفكّر المعرفي المؤلّف ، فهذه المعرفة محدودٌ مكانها وتأثيرها إزاء قلوب الملايين وعقولها التي هفت ولازالت تهفو إليه مدّ ظلّه لتغترف من معين عقله وحكمته وسيرته النقية