أمّا الناس من سائر المدن والأمصار فهم بأعين بعض النجفيّين إمّا سذّج أو معدان أو لا يفقهون شيئاً.
وإن تأ لّق أحدٌ سواهم فلابدّ أنّه تعلّم بالنجف!! على حدّ زعمهم ، علماً بأنّ الغالبيّة العظمى من قاطني النجف ليسوا منها بل وفدوا إليها من البلدان والمدن الاُخرى ، وهذا هو حال الحواضر العلميّة والثقافيّة والمدنيّة حيث تمتاز بتعقيداتها الإثنيّة والعرقيّة والمذهبيّة وتلوّن الانتماءات واختلاف المشارب والاُصول فيها ، فاختاروا البقاء بين ظهرانيها وكوّنوا اُسرهم ووجودهم في رحابها. والمتداول منذ القدم أنّ النجف لم تكن معروفةً أو مأهولةً إلاّ بعد احتضانها الجسد الطاهر لأميرالمؤمنين عليه السلام ، واشتهرت فيها عشيرتان هما «الشمرت» و «الزگرت» والباقون جاءُوها من الأماكن الاُخرى للأسباب التي ذكرنا.
إنّ هذا الابتلاء قد صنع فجوةً لازالت تتفاعل وتكبر يوماً بعد آخر ، ونحن إذ نعلم والكلّ يعلم ما لهذه الفجوة من عواقب سيّئة تضرّ بنا جميعاً وتخدم مناوئينا كثيراً ، بات من الضروري التصدّي لهذه الظاهرة غير الحضاريّة بالحوار والعقلانيّة كي تزداد العقول والقلوب اُلفةً ومحبّة بالقيم والاُسس الحقّة ، ولاسيّما أنّ الذي يجمعنا أشمخ ممّا يفرّقنا .. وفي التولّي لمن قامت به النجف وازدهرت ربوعها بفضله خيرُ موعظة وأرقى تذكرة وعبرة.