فلابدّ إذن من الثبات بكلّ عزم وحزم على القيم والمبادئ التي تمثّل وجودنا وحقيقتنا والذود عنها بأرقى الأدوات المعرفيّة والعلميّة ذوداً يخلو من كلّ أنواع المداهنة والمساومة والنكوص ، متلقّين الوارد الجديد والحديث تلقّياً نسقيّاً استقرائيّاً تحليليّاً يخضع لكلّ مراحل الاختبار والمقارنة والتحقيق والمراجعة والاستنطاق ، ثم الأخذ بما لا يتنافى مع أصالتنا وقيمنا ، بل ويسهم في تحريك واقعنا نحو النموّ والازدهار والخير والأمان والفلاح.
منها : لقد اُتيحت الفرصة لمدينة النجف ـ بما اختصّت به من مزايا وصفات ـ أن تكون قطب الرحى وكعبة العلم والمعرفة ومعقل المرجعيّة ومهوى أفئدة عشّاق الثقافة والأدب والفنون .. وهذا ما ترك آثاره الواضحة على المجتمع النجفي ، فراح أبناء هذه المدينة يفخرون بانتمائهم إليها ، فخراً جاوز بعض الأحيان خطوطه المنطقيّة إلى حالات التعالي والغرور اللذين صنعا أوهاماً ابتُلي بها هذا المجتمع كما ابتُلي بها غيره.
فراح العديدون يحتمون تحت عباءة الحرم الطاهر والحوزة العلميّة والأندية الثقافيّة ، وهذه المحاور لا تقيم لهم وزناً ولا تعرف لهم مجداً ولا تحفظ لهم جهداً معرفيّاً ثقافيّاً سوى أنّهم من هذه المدينة جغرافيّاً ; وغدا الانتماء الاُسري سيّد الموقف والحاكم على الملاكات والموازين الاُخرى .. والمعروف بين أوساطنا : أنّ بعض النجفيّين من ذوي الاُسر الشهيرة يعدّون هويّتهم الاُسريّة قيمةً غاليةً تفوق القيم والاُسس المعهودة ،