والاختراق والتأثير ; فكيان «النجف العلمي» مقرونٌ بالانفتاح والحرّيّة المعرفية وإلاّ فإنّه يفقد ميزته وسمته البارزة.
منها : طغيان القيم والأعراف التقليديّة المعروفة بالارثوذكسيّة الدينيّة على أروقة الحياة فيها ، ممّا صنع من مجتمعها مجتمعاً محافظاً في تعامله مع الأساليب الجديدة والأفكار الحديثة ; وهذا ما وضعها بين محذورين :
إمّا الالتزام بالمبادئ والمفاهيم الدينيّة وعدم الانزلاق وراء المظاهر والمغريات المنحرفة بشتّى مناهجها وأدواتها ، فتبقى النجف تمثّل الخاصرة المصيريّة والفلتر الحاسم في حفظ وحماية ونشر معارف الدين وكلمته الحقّة.
وإمّا الانفتاح اللاّمشروط تجاه الأنساق الجديدة والرؤى الحديثة بما هي عليه من برامج وأدوات. الأمر الذي يعرّضها لمخاطر التغريب والانسلاخ عن أداء الدور الريادي الديني العلمي ، وهذا ممّا لا يتناسب مع كيانها القائم بوجود أميرالمؤمنين (عليه السلام) والفضاء المعرفي الكبير والتاريخ الشهير.
ولعلّ القول بالتفصيل طبق الظرف الراهن والإمساك بالعصا من وسطها بمقدوره إرساء وحفظ التوازنات ومعالجة الإشكاليّات ومواجهة الأخطار التي تتّسع آناً بعد آن .. وهذا ما يحفظ للنجف الدينيّة العلميّة منزلتها ويحفظ الثوابت والاُصول مع إمكانيّة التعامل مع الوارد الجديد تعاملاً منهجيّاً.