الذهن ، فلو كان ـ مثلاً ـ بحثٌ في قراءة قرآنيّة معيّنة ، ترى المحقّق يشير إلى شتّى الاختلافات في تلك القراءة ومصادرها والموارد الاُخرى في غيرها من الآيات ، فينتفخ الهامش انتفاخاً عجيباً .. أو في ترجمة عَلَم من الأعلام ، ترى التفصيل فيها وفي مراجعها يكاد يخرج الهامش عن طبيعته المعتادة .. أو توثيق قول ورواية ومَثَل وبيت شعر .. وهكذا في سائر الموارد الاُخرى.
بينا نرى البعض مقتصداً تمام الاقتصاد بحيث يجعل القارئ محتاجاً إلى توسّع أكثر.
ونرى ثالثاً ينهج نهجاً متوسّطاً بين هذا وذاك.
ومعقول الأمر أن يكون الهامش ذا محتوى منطقي ، أي بمقدار ما يحتاجه المتن من إشارات وتوثيقات وبيانيّات ، لا أكثر ولا أقلّ ، فلا نحمّله أكثر من طاقته ولا نقتصد فيه اقتصاداً مُفْقِراً ، حينها يبقى الهامش في سياق الموضوعيّة المقرّرة له ولا يتجاوز الحدود المعهودة ، فيجعل القارئ محافظاً على التركيز والاستقرار ، ممّا يمهّد له الآليّات المناسبة التي تسهّل الربط بين المتن والهامش.
هذا ، وأنّ هناك من يجمع الهوامش كلّها نهاية كلّ موضوع ، أو نهاية كلّ كتاب ، أو يجعلها صفحة بصفحة .. ولعلّ النسق الأخير هو الأنسب والأكثر قبولاً عند القرّاء.