فكلّ المساعي والطاقات والفضاءات في خدمة ذلك المشروع الموجود مسبقاً ، موجود بمحتواه وأفكاره وإبداعاته وثقافته ، تجتمع حوله مجموعة من النخب والأخصّائيّين ليعالجوا فيه سلسلة من الفجوات والفراغات المحتوائيّة والشكليّة والفنّيّة والجماليّة ليظهر بزيّ اليوم والعصر الحديث.
إذن هي أفكار وعقول وأحاسيس وبذل ذهني جسدي كلّها باختيار الأفكار والثقاقات والإبداعات والمضامين العائدة للآخرين.
وفي زحمة العمل التحقيقي ذي المشاقّ الفكريّة والعقليّة والروحيّة والجسديّة هل تتوقّف الحركة الذهنيّة وتتقوقع حول الجاهز من الأفكار لتخدمها وتلبّي حاجاتها؟ أم تجعل ذلك نقطة إنطلاق وجولات تمرين وساحات اختبار لمشاريع إبداع وابتكار تعلن الاستقلال الفكري والاكتفاء المعرفي الذاتي؟ بمعنى الالتحاق بركب الإنتاج الذاتي المعرفي والعطاء الثقافي الجديد المتحرّر من قيود المشاريع الجاهزة والنصوص الحاضرة؟
إنّ النخب التحقيقيّة حريٌّ بها أن تحكم وجودها ومصيرها بالخيار الثاني ، وإلاّ فإنّ الخيار الأوّل ليس سوى الموت البطيء للأفكار والإبداعات الكامنة ، والقوّة الفكريّة الكامنة إن رامت الفعل فعليها بالخيار الثاني.
إنّنا إذن مع «التحقيق» إن كان جسراً ومعبراً ونقطة انطلاق للإبداع الفكري الذاتي والنتاج الثقافيّ المستقل.