الاستدلال التامّ المشتمل على النقض والإبرام في غالب الفروع الفقهيّة.
ويمتاز أيضاً عمّا تقدّم عليه من الموسوعات الفقهيّة الاستدلاليّة بأ نّه على نسق واحد واُسلوب فارد ، وبنفس السعة التي ابتدأ بها انتهى إليها ، فإنّ كتاب «المسالك» ـ مثلاً ـ وإن كان جامعاً لأبواب الفقه ، إلاّ أنّ فصل العبادات منها في غاية الاختصار ، بخلاف المعاملات.
ومن أبرز خصائصه كذلك : اُسلوب تعامله مع النصوص الروائية ، حيث تراه يورد محلّ الشاهد على نحو من الاختصار والدقّة الرفيعة ، مكتفياً بذكر كونها صحيحة أو موثّقة أو مرسلة أو ... وهذا ممّا يدعو إلى البحث والتحقيق لتشخيص المراد ، الذي يعسر في كثير من الأحيان حصره أو تعيينه.
كما وأ نّه ليس كتاباً فقهيّاً فحسب ، بل كأ نّه بمنزلة الاُستاذ الخبير الذي يرشد الطالب إلى كيفيّه النقاش العلمي ، وتنقيح المسائل الفقهيّة ، وسبل الورود والخروج منها .. وأنت ترى بين غضون الكتاب ـ من روعة البيان ، وقوّة الحجّة ، وسلاسة التعبير ، وحسن التخلّص إلى المقصد ـ ما ينمّ عن بلاغة مؤلّفه البارعة ، وإحاطته بفنون الأدب اللامعة.
ويمكن التعرّف على مدى أهمّيّة الكتاب وعناية الفضلاء والباحثين والمحقّقين به ، من أنّه في سالف الأيّام ـ حيث ربوع العلم كانت مزدهرة عامرة ـ قد صار محوراً دراسيّاً في الحوزات العلميّة ، وتناولته أيدي المشتغلين ببالغ الاهتمام والتقييم ، فكانوا يتباحثون حول مسائله تشحيذاً