لأذهانهم وتقويةً لملكة الاستنباط عندهم ، وكم كان جديراً إحياء تلك السنّة الحسنة بين أهل العلم وطلبته في زماننا هذا.
ثم إنّه قد يعثر المتتبّع في هذا الأثر النفيس على موارد وافرة من العبارات المشابهة ـ بل المتّحدة ـ لعبارات من تقدّم عليه من الفقهاء ، كالذخيرة والكفاية والمسالك والروضة وكشف اللثام ، الموجبة للاطمئنان بكونها مأخوذة منها ، من دون إشارة إلى هذا الاقتباس ، ممّا يقضى منه العجب.
ولكنّه هيّنٌ عند المطّلع على طريقة أهل الفنّ ، فإنّ نقل العبارات من دون ذكر المصدر كان سيرة مألوفة مستمرّة عندهم ، فإنّهم لمّا رأوا عبارات السابقين وافية بالمراد ، وكان الغرض الأهمّ عند السابق واللاحق أداء المطلب الصحيح ، وفهم المقصد ، من دون ملاحظة القائل ـ فانظر إلى ما قيل ولا تنظر إلى من قال ـ استراحوا في أداء مقاصدهم إلى نقل عبارة مرضيّة عندهم من الأقدمين ، من دون تصرّف فيها ، أو تغييرها إلى صورة اُخرى.
وهذا لا مساس له بانتحال نظريّة وإسنادها إلى نفسه ، فإنّه القبيح المذموم المنزّه عنه فقهاؤنا الأمجاد.
ولعلّه لذا نقف على عدّة موارد من هذا القبيل في الكتب الفقهيّة ، ولاسيّما «الروضة البهيّة» و «مسالك الأفهام» بالإضافة إلى جامع المقاصد ، وكذا «الجواهر» بالنسبة إلى «الرياض» وغيره.