الإعجاب بغزارة إنتاجه ، ولا سيّما إذا تأمّلنا في ما وصلنا من الأخبار الخاصّة بكتابه الكبير التبيان في تفسير القرآن (١).
ـ إنّ عصر الشيخ الطوسي كان عصر حضارة وتفوّق وعلم ، وكذلك كان عصر نوابغ وعلماء ، فكان لابدّ له وهو العبقري أن يدخل كلّ بيت ويتعرّف إلى ما فيه عندما كان في سنّ التلقّي والتعلّم عند شيوخه وأساتذته ، وكان كلّ شيء يلقى إليه باللغة العربية.
وكان أساتذته من فصحاء العصر والناطقين الخالدين ، فقد درس الفقه والأُصول والتفسر وعلم الكلام بأعجز بيان وأبدع أُسلوب ، فكان لابدّ لهذا أن يؤثّر في نفسه وأن ينعكس هذا التأثير في مؤلّفاته أيضاً ...
فهذا التفسير المعروف بـ : التبيان ، لم يخل منه سببٌ من أسباب البيان ، نجد فيه البيت الشعري الجميل ، والمثل السائر اللطيف ، والقصّة الفنّية المعبّرة ، ومباحث في اللغة والنحو ، وطرائف من الأدب ، لم يوردها الشيخ للّهو واللعب ، وإنّما استعان بها على تأييده فكرة أو إيضاح معنى ...
يضاف إلى ذلك أيضاً : إنّ عبارة الطوسي لها حلاوتها ووقعها وتأثيرها في النفس ; لأ نّها تدّخر طاقةً كبيرةً من انفعال صاحبها ، وهذا الانفعال العميق هو وجود المفسِّر وأصله الذي تجرّد عن كلّ محسوس ; ليستغرق في جمال القرآن ويغيب في معانيه التي لا تعرف النهاية.
فمن كلّ جوانبه هو طيّبٌ حلوٌ يأخذ الإنسان عن نفسه ويغيب به
__________________
١. مقالة في مجلة رسالة الإسلام المصرية ، العدد ١ ، السنة السابعة ، ص ٤٦.