حيث يغيب ، حتى أنّه في تفسير آيات الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ومواريث وما إليها لا ينسى ما في الآيات من جمال وإبداع ، بل يشير إليها من حيث اللغة والسبك والأُسلوب والفقه ، ويدلّل على حكمة الإسلام في تحريم هذا وتحليل ذاك ببيان لا تنقضي لذّته ولا تنتهي روعته.
ويتفرّد «تبيان» الطوسي بمزيّتين قد لا نرى لهما أثراً في بقية مؤلّفاته ، وهاتان المزيّتان هما :
الرصف المتتابع للعبارات الممتلئة بالمعاني الدقيقة ، حتى ليخيّل للقارئ أنّه أمام كتاب أدبي.
والثانية : الحسّ النفسي المتدفّق والشعور الباطني العميق لأسرار الكتاب الكريم.
ولا عجب إذا رأينا هاتين المزيّتين في التفسير ; لأنّ القرآن فيه غيب الغيوب ومعجز التأويل والتنزيل والتحليل.
ولا عجب أيضاً فالطوسي عبقريٌّ عظيمٌ في نفسه كلّ استعداد لتقبّل الإشراق وعكسه على من دونه ، فهو عندما يقرأ الآية أو يقف عندها يستغرق فيها ، وينسى عند جمالها وجلالها نفسه ومَن حوله من الكائنات ، ويكتب ممّا يحسّه ويشاهده من جمال الحقيقة ، ويطفر قلمه فيسيل إبداعاً وإعجازاً قلّما توفّرا لمفسّر آخر من المفسّرين الأعلام.
إنّ هذا المفسّر الكبير والفقيه العلم قد أمات الشيطان في نفسه