وهنا وجه آخر خطر ببالي لتصحيح أحاديث الصدوق رحمهالله في الفقيه عن جميل ، وهو طريق الشّيخ إلى كتاب جميل.
قال الشّيخ رحمهالله في فهرسته :
|
جميل بن دراج له أصل ، وهو ثقة. أخبرنا به الحسين بن عبيد الله عن محمّد بن علي بن الحسين عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن الصّفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير وصفوان عن جميل بن درّاج. (١) |
أقول : هذا السند صحيح وطريق الشّيخ رحمهالله إلى جميل إنّما هو بتوسط الصّدوق رحمهالله فيكون طريق الصّدوق إليه أيضا صحيحا.
وظاهر أنّ مراد الشّيخ رحمهالله من هذا الأصل هو الكتاب المختصّ بجميل دون كتابه المشترك ، وإلّا لذكر اسم محمّد بن حمران ، وإنّه مشترك بينهما.
لكن يشكل الاعتماد على هذا الوجه أيضا ، فإنّ طريق الشّيخ إنّما هو إلى أصل جميل لا إلى جميل نفسه ، بل مشيخة التهذيب معظمها طرق إلى الاصول والمصنّفات ، على ما ذكره الشّيخ في المشيخة أوّلا وآخرا.
وأمّا الصّدوق ، فلا يظهر منه في مشيخة الفقيه أنّه يروي عن الاصول والمصنّفات ، بل يحتمل أنّه يروي عن الأشخاص أو أنّه قد يروي عنهم ، وقد يروي عن الكتب فالاستدلال بهذا الوجه لتصحيح أحاديث الصّدوق عن جميل في الفقيه مبني على أن جميلا لم يحدث غيره إلّا عن أصله لا عن غيره. وهذا غير ثابت ، بل المحتمل أنّه حدّث عنه وعن غيره من محفوظاته غير المذكورة في أصله. (٢)
والعمدة احتمال رواية الصدوق احاديث جميل من كتاب راو آخر لم يثبت وثاقته أو ثبت ضعفه ، إذا علمنا اسمه.
فإنّ قلت : الصّدوق أيضا يروي عن الكتب دون الأفراد ، والدليل عليه قوله في أوّل
__________________
(١) معجم الرجال : ٤ / ١٥٢.
(٢) لا يقال : إنّ طرق الفهرست غالبا هي إخبار عن أسامي الكتب فقط ، كما يأتي في البحث الرّابع والأربعين ، فكيف يمكن صحّة طريق له توجب صحّة طريق الصدوق؟
فإنّه يقال : نعم ، لكن الصدوق يروي الرّوايات بطرقه عن كتب الأحاديث ، فإذا فرضنا صحّة طريق له من أي سبب كان ، تستلزم هذه الصّحة اعتبار رواياته المنقولة ، وبهذا الطريق ، فتأمّل ؛ إذ المتيقن من ذلك إنّما هو في مشيخة الفقيه ، لا في غيرها ، والله العالم.