الفقيه : وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع. مثل : كتاب حريز بن عبد الله السجستاني ، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي. وكتب على بن مهزيار الأهوازي وكتب الحسين بن سعيد ، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ، وكتاب : نوادر الحكمة تصنيف محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، وكتاب : الرحمة لسعد بن عبد الله ، وجامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، ونوادر محمّد بن أبي عمير وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي ورسالة أبي رحمهالله. وغيرها من الاصول والمصنّفات الّتي طرقي إليها معروفة في فهرست الكتب الّتي رويتها عن مشايخي وأسلافي ...
وعليه فكلّ من بدأ الصّدوق رحمهالله باسمه في الفقيه في ذكر حديث ، يحكم بأنّه منقول عن كتابه كما هو الحال في حقّ الشّيخ رحمهالله في التهذيبين ، كما قيل.
قلت : كلام الصدوق رحمهالله يدلّ على أنّ جميع ما أخرجه في الفقيه مأخوذ من الكتب المشهورة المّعول عليها ، وهذا لا يدلّ على أنّ كلّ من بدأ الصّدوق باسمه في المشيخة أخذ الحديث من كتابه.
ويؤكّده أنّ الصّدوق روي في الفقيه عن خلق كثير ـ ربّما يقرب من خمسمائة شخص ـ ذكر أسماء أكثر من ٣٨٠ شخصا منهم في المشيخة. وقيل إنّه ترك فيها أسماء أكثر من مائة شخص ولا يحتمل عادة أن يكون لكلّ واحد من هؤلآء الخلق الكثير كتابا مشهورا عليه المّعول وإليه المرجع ، وفيهم المجهولون والضعفاء ، بل من المحتمل قويّا أنّ جملة منهم ، لا كتاب لهم.
وعليه ، فيحتمل أنّ الصدوق نقل روايات جميل عن جامع شيخه ابن الوليد مثلا ، أو عن غيره ، وحذف سندها أو أسانيدها ، كما يحتمل أنّه نقلها عن كتابه ، وهذا بخلاف الشّيخ رحمهالله في التهذيبين ، فإنّه يروي عن كتب من بدأ الحديث باسمه.
وممّا ذكرنا يظهر للمتدبّر أنّ قول الصدوق رحمهالله : بأنّ أحاديث كتابه مستخرجة من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع لا يدلّ على صحّة تلك الأحاديث بتمامها ـ كما تخيّله بعض المحدّثين ـ فإنّ تواتر الكتاب عن مؤلّفه وشهرته بين الأصحاب ، وجلالة المؤلّف وورعه ، أمر ، وضعف جملة من رواياته لجهالة رواتها ، أو ضعفهم ، أمر آخر ، فحال تلك الكتب بالنسبة إلى الصدوق رحمهالله وأمثاله حال الكتب الأربعة ونظائرها بالنسبة إلينا ، وهذا غير خفي.
هذا ، والتحقيق أن يقال بصحّة طريق الصّدوق إلى جميل ؛ لأجل طريق الفهرست ، فنحكم بصحّة روايات جميل في الفقيه ، سواء رواها الصدوق عن كتاب جميل مباشرة ، أو