العصابة على تصديقه ليس هو يحيى ، بل هو عبد الله بن محمّد الأسدي مرسلا له إرسال المسلّمات ، فهو تحكم وإن سبقه القهباني رحمهالله أيضا كما قيل ، بل الظّاهر ، وهو المنقول عن الباحثين أنّه يحيى بن أبي القاسم كما ذكره الشّهيد الثاني قدسسره للإنصراف ، فإنّ عبد الله بن محمّد الأسدي المذكور إن ثبت وجوده فهو غير مشهور ، بحيث ينصرف إليه إطلاق كنية أبي بصير ، بل لا يوجب تردّد اللفظ بينه وبين يحيى ، إذ لفطة أبي بصير الأسدي ينصرف إلى يحيى ، والمناقشة فيه خلاف الانصاف.
إذا عرفت هذا ، فلا بدّ من لفت النظر إلى الرّوايات الواردة في حقّ الرجل بعد الإعراض عمّا في سنده من ضعف أو يكون الرّاوي عن الإمام هو نفسه ، فإنّ مدح أحد لا يثبت بقوله ، أو تكون الرّواية غير دالّة على مدح وذم. (١)
١. صحيح شعيب العقرقوفي قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ربّما احتجنا أن نسأل عن الشّيء فمن نسأل؟ قال : «عليك بالأسدي». يعني : أبا بصير الرقم ٢٩١.
٢. صحيحه الآخر عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن امرأة تزوّجت ولها زوج فظهر عليها قال : «ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط ؛ لأنّه لم يسأل». قال شعيب فدخلت على أبي الحسن عليهالسلام فقلت له : أمرأة تزوّجت ولها زوج؟ قال : «ترجم المرأة ، ولا شيء على الرجل» فلقيت أبا بصير ، فقلت له : إنّي سألت أبا الحسن عليهالسلام عن المرأة الّتي تزوّجت ، ولها زوج قال : «ترجم المرأة ، ولا شيء على الرجل». قال : فمسح صدره ، وقال : ما أظنّ صاحبنا تناهى حكمه بعد. (٢)
أقول : الظاهر أنّ أبا بصير هو المكفوف الأسدي دون المرادي وغيره ؛ لأنّ شعيب هذا ابن اخته ـ أي : أخت يحيى بن القاسم ـ كما صرّح به النجّاشي في ترجمة شعيب (٣) ، فتأمّل.
على أنّ إدراك ليث للكاظم عليهالسلام غير ثابت خلافا للشيخ في رجاله إذ لم يوجد رواية له عن الكاظم عليهالسلام وهذا هو الظاهر من النجّاشي أيضا.
ثمّ الرّواية لا تدلّ على فساد في حديثه وصدقه ، بل تدلّ على أنّه ظنّ بالإمام الظّن السوء ، إلّا أن يقال : إنّ إنكار علم الإمام في المسائل الفرعيّة إنكار لإمامته في الحقيقة ؛ إذ لا يكون الشّخص إماما حتّى يعلم ما يحتاج إليه الامة من الحلال والحرام.
__________________
(١) انظر : رجال الكشّي : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، ١٧٥ ، ٢٠٤.
(٢) رجال الكشي : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، برقم : ٢٩٢.
(٣) فهرس النجاشي : ١٤٧.