موقوف على إحراز اصطلاحهما على المعنى المذكور ، ولا يصحّ إرادته باصطلاح من تأخر عنهما ، وإن فرض إجماعهم عليه.
وإنّي بعدما وسعني من الفحص لم أجد قرينة وأمارة دالّة على انعقاد الاصطلاح المذكور في لسانهما ، والفاضل المامقاني وإن تصدّي لإثباته لكنّه لم يأت بشيء مقنع أصلا.
مع أنّ الإجماع من غيرهما على المعنى المذكور غير مسلّم ، وقد قال صاحب اتقان المقال (١) :
|
ثمّ الّذي يشهد به الاستقراء أيضا أنّ الوثاقة في لسان أهل الفنّ يتضمن إرادة الوثاقة للرواية من حيث هو بمعنى أن يكون صادقا ضابطا ، ومن حيث المروي عنه ، بمعنى أن يكون ممّن يروي عن ثقة ، ولا يكون ممّن لا يبالي عمّن يأخذ. |
أقول : استفادة الحيثية الأخيرة من لفظ الثّقة بحسب اصطلاحهم ليست بمدللّة ، وإن كانت محتملة ، بل تؤكّدها بعض الكلمات الصادرة من الرجاليين.
وقال الحرّ العاملي : دعوى بعض المتأخّرين أنّ الثّقة بمعنى العدل الضابط ممنوعة ، وهو مطالب بدليلها كيف وهم مصرحّون بخلافها ، حيث يوثّقون من يعتقدون فسقه وكفره وفساد مذهبه ، وإنّما المراد بالثّقة من يوثّق بخبره ، ويؤمن منه الكذب عادة والتتبّع شاهد به ، وقد صرّح به جماعة من المتقدّمين والمتأخرين. (٢)
وقال الشّيخ الطوسي قدسسره في العدّة :
|
فأمّا من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا بأفعال الجوارح ، وكان ثقة في روايته متحرّزا فيها فإنّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ويجوز العمل به ؛ لأنّ العدالة المطلوبة في الرّواية حاصلة فيه (٣) ، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ؛ ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم. (٤) |
ومع هذا الكلام ، كيف يقال : إنّ مراد الشّيخ من كلمة الثّقة العدل الإمامي الضابط؟ مع أنّ العدالة المطلوبة في هذا الباب عنده هي الصدق في النقل ، بل المراجع إلى فهرسته يطمئن بأنّ لفظة الثّقة ليس لها معنى العدالة الفقهيّة.
__________________
(١) اتقان المقال : ٤.
(٢) وسائل الشّيعة : ٢٠ / ١٠١ ، الطبعة المجزءة عشرين جزءا.
(٣) وبهذه الجملة يظهر معنى قوله في أوّل الفهرست ... فلا بدّ أن أشير إلى بما قيل فيه من التّعديل والتّجريح ... فمراده من العدالة هي العدالة المطلوبة في باب الرّوايات ، أي : الصّدق في الإخبار.
(٤) العدة : ١ / ٣٨٢ ، المطبوعة ، بقمّ حديثا ؛ بحار الأنوار : ٢ / ٢٥٤ ، الطبعة الجديدة.