وخلاصة القول :
أنّ دلالة كلمة الثّقة على العدل الإمامي الضابط غير ثابتة في كلام من يرجع إليه في هذا الشّأن ، كالكشّي والشّيخ والنجّاشي قدسسرهم.
وينقدح من هذا أنّه لا سبيل إلى الحكم بصحّة أكثر الرّوايات المعدودة عندهم من الصحاح صحّة اصطلاحيّة. وسيأتي منّا في البحث الثّاني والثلاثين أن تقسيم الإخبار الرباعي ، باطل لا أثر له ، وإنّما الحجّة قول الصّادق سواء كان عادلا أم لا ، إماميّا أم لا. نعم ، يقول الحرّ العاملي في آخر وسائله (١) إنّ التّوثيق لا يستلزم العدالة ، بل بينهما عموم من وجه ، كما صرّح به الشّهيد الثّاني وغيره ، والله أعلم.
ولا بدّ من إثبات هذا المعنى من لفظ الثّقة في كلام الشّيخ والنجّاشي ، وإلّا فلا عبرة به ، وإنّما العبرة بمصطلحهما.
والمستفاد من فهرستي النجّاشي والشّيخ ، غير ما يدعيه المتأخرون من دلالة كلمة الثّقة على العادل الإمامي الضابط ، وإليك بعض الشّواهد :
١. قولهما في جملة من الموارد :
ثقة في الحديث ، ثقة فيما يرويه ، ثقة في الرّواية.
فإنّ هذا التقييد لا يناسب العدالة ، بل يناسب معناه اللغوي ، واحتمال اختلاف معناها في الموارد المطلقة والمقيّدة بعيد جدّا.
٢. إطلاقها على الفطحي والواقفي والزيدي وسائر أهل المذاهب ، كإطلاقها على الإمامي ، فافهم ولا تغفل.
٣. القرائن الاخرى في كلامهما ، كقول النجّاشي : يحيى بن إبراهيم ثقة ، هو وأبوه أحد القراء ، كان يتحقّق بأمرنا.
ولو كان الثّقة بمعنى العدل الإمامي ، لغي الجملة الأخيرة في كلامه بأحد الاحتمالين في معنى كلامه.
وكقوله في حسن بن محمّد بن جمهور : ثقة في نفسه ، روي عن الضعفاء ، ويعتمد المراسيل.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ، ٢٠ / ١٠١ ، الطبعة المتوسطة في عشرين جزءا.