وأمّا الشّرط الرابع والخامس ، فالصحيح حذفهما وتبديلهما باشتراط الوثاقة أي : الصدق في الكلام لبناء العقلاء على حجيّة خبر الثّقة دون الكاذب والمجهول حاله.
وأمّا التّمسك بآية النبأ لاثباتهما ، فيردّ عليه أنّه ليس مدلول الآية ردّ خبر الفاسق مطلقا ، بل هو وجوب التبين ، أي : عدم جواز قبوله قبل التبين.
وعليه فإحراز الوثاقة نوع تبيّن فلا يحتاج معه إلى تبيّن آخر ، فإنّه من تحصيل الحاصل.
وبالجملة :
الاطمئنان والوثوق تبيّن وعلم عرفا ، ومعه لا حاجة إلى أمر زائد عليه.
ولا فرق في ذلك بين الوثوق بالخبر والوثوق بالمخبر ، فإذا كان الرّاوي مجهولا أو ضعيفا ، لكن قامت القرينة المفيدة للاطمئنان على صدق روايته ، وأنّه لم يكذب في خصوص هذا المورد ؛ إذ ليس الفسق يستلزم الكذب دائما ، ضرورة أنّ الكاذب قد يصدق : فيجب الأخذ بالرواية المذكورة ، فإنّها موثوق بها والوثوق حجّة عقلائية ، بل هو أقوى من خبر الثقة.
نعم ، يبقى البحث في تعيين القرينة المذكورة ولا ضابط لها ، فرب قرينة توجب الوثوق لفقيه ولا توجبه لآخر ، وإذا كانت الرّواية غير موثوق بها ، لكن كان راويها ثقة يجب الأخذ بها أيضا ، وإن فرضنا فسقه في غير أقواله لبناء العقلاء عليه لحصول الوثوق النوعي بأخباره.
وبعبارة أخرى :
إنّما أوجبت الآية الكريمة التبيّن في خبر الفاسق لاحتمال عدم إصابة الواقع ، كما يشهد به التعليل في ذيلها : (... أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ،) فإنّ الفاسق لا رادع له عن الكذب ، فإذا فرض الفاسق صدوقا في كلامه ، فقد ارتفع الاحتمال المذكور احتمالا عقلائيا وكان كالعادل ، فلا معنى لوجوب التبيّن فالبناء عليه ليس من الجهالة ، كيف والعقلاء بانون عليه في جميع الأمصار والأعصار؟
ومنه يظهر عدم دلالة الآية على إيمان الرّاوي وعدالته فافهم.
والمتحصّل :
أنّ الرّاوي إذا كان عاقلا صادقا يقبل قوله ، إذا كان ذكره أكثر من سهوه ولو بالأصل.
وأمّا اشتراط الإسلام ، فهو وإن يجري فيه ما قلنا في اعتبار العدالة والإيمان ، إلّا أنّ