ثمّ إنّ المحدّث الحرّ العاملي بعد تعريفه القرينة بما ينفك عن الخبر وله دخل في ثبوته وتقسيمها إلى ما يدلّ على ثبوت الخبر عنهم عليهمالسلام وعلى صحّة مضمونه ، وإن احتمل كونه موضوعا ، وعلى ترجيحه على معارضه ، تعرّض لبيان القرائن ، وإليك خلاصتها (١) :
١. كون الرّاوي ثقة يؤمن منه الكذب عادة وكثيرا ما يحصل العلم بذلك ، حتّى لا يبقى شك وإن كان الثّقة فاسد المذهب ... وهذا أمر وجداني يساعده الأحاديث المتواترة في الأمر بالعمل بخبر الثّقة والنهي عن العمل بالظّن. (٢)
٢. ذكر الحديث في كتب من كتب الاصول المجمع عليها ، أو في كتاب أحد من الثقات لاطلاق ما دلّ على حجية قول الثقات ، حتّى وإن نقلوا عن ضعيف أو مرسلا ، ومن المعلوم قطعا إنّ الكتب الّتي أمروا عليهمالسلام بالعمل بها كان كثيرا من رواتها ضعفاء ومجاهيل ، وكثيرا منها مراسيل. (٣)
وكون الحديث مأخوذا من الكتب المشار إليها يعلم بالتصريح وبقرائن ظاهرة في التهذيب والاستبصار والفقيه وغيرها.
٣. كون الحديث موجودا في الكتب الأربعة ونحوها من الكتب المتواترة المشهود لها بالصحة. (٤)
٤. كونه منقولا من كتاب أحد من أصحاب الإجماع. (٥)
٥. كون بعض رواته من أصحاب الإجماع. (٦)
٦. كون الحديث من روايات بعض الجماعة الّذين وثقهم الأئمّة ، وأمروا بالرّجوع إليهم والعمل برواياتهم. (٧)
__________________
(١) المصدر : ٢٠ / ٩٣ وما بعدها.
(٢) الكثرة ممنوعة ، والجمع بين الطائفتين يقتضي تخصيص الثانية بالاولى ، فهو اشتبه بين التخصيص والتخصّص ، على أنّ العمل إنّما هو بالأدلة القاطعة لحجيّة الأمارات الظّنية لا بالظّن نفسه ، ثمّ أقول : هنيئا للمحدّث رحمهالله وأمثاله ممّن يتيسر لهم العلم بخبر الواحد الثّقة ، وأنّي لنا ولأمثالنا ذلك.
(٣) لا إجماع على حجيّة تمام روايات أصل من الاصول ، وأمّا الإطلاق الّذي ادّعاه فهو واضح الفساد ، ودعواه القطع ممنوعة ، ولو فرض إثبات أمره عليهالسلام بالعمل بكتاب ، أصبح رواياته صحيحة ؛ لأجل هذا الأمر ، لا لأجل أسانيدها الأوّلى ، ففيه مغالطة واضحة.
(٤) يأتي ضعفه مفصلا في محله.
(٥) مرّ ما فيه.
(٦) ضعّفناه سابقا ، فلاحظ البحث الحادي عشر.
(٧) ليس فيه زيادة على حجيّة قول الثّقة ولا يمكن أن يكون أزيد منها ، ولا يدل على اعتبار نقل الضعفاء والوضاعين والمجهولين بعد الثّقة المذكور ، وقبله.