لاحظ : رجال الشّيخ المطبوع طبعة جامعة المدرّسين عام ١٤١٥ ه ق.
ثمّ من العجيب إنّه لم يوثّق ولم يضعّف من أصحاب الصّادق عليهالسلام مع تلك الكثرة المكثرة إلّا عددا ضئيلا غير قابل للالتفات إليه ، مع أنّه وثّق من أصحاب الكاظم والرضا صلىاللهعليهوآله عددا كثيرا بالنسبة إلى عدد أصحابهما.
ولو أنّ الشّيخ التفت إلى قدر توثيقاته وتجريحاته وأهميّتهما بالنّسبة إلى الأجيال القادمة والأزمان الآتية ، كأمثال زماننا لأتعب نفسه الزكيّة فيهما ، حتّى لا يخلو ذكر أحد عن مدحه أو جرحه ، اللهم إلّا من لم يتمكّن الشّيخ من استعلام حاله.
والخلاصة :
إنّ رجال الشّيخ في حدّ نفسه ولغايته كتاب مفيد شكر الله مساعيه ، غير أنّه لم يفد فائدة مهمّة تامّة لعلم الرجال الباحث عن أحوال الرّواة وثاقة وضعفا ؛ إذ مجموع من وثقه في كتابيه الرجال والفهرست أقلّ من : ٣٢٠ راويا ، ومجموع من ضعّفه ، أقلّ من : ٨٣ شخصا.
واعلم : أنّ المتدبّر في كتابي الشّيخ قدسسره يقضي جزما بأنّ استنباط الأحكام من الإخبار الآحاد لم يكن عنده وعند من سبقه من المجتهدين الكرام على مجرّد صحّة السند وصدق الرّاوي ، وإلّا لتعرّض الشّيخ لحال الرّواة المذكورين في كتابيه ، وبيّن صدقهم أو كذبهم أو جهالتهم ، فإنّه المجتهد المتضلّع والفقيه الماهر ، فلا يعقل عدم التفاته إلى متطلّبات الفقه وحاجات الاجتهاد ، بل كان استنباطهم على القرائن الخارجيّة دون السند غالبا المورثة للاطمئنان بصدق الرّواية. (١)
وربّما يعتمدون على وثاقة الرّاوي ، وقد سبق ذكر بعض تلك القرائن ، ولكنّها قد اختفيت غالبا في هذه الأعصار ، فأصبحت وثاقة الرّاوي ذات أهميّة بالغة.
ثمّ إنّ الشّيخ بعد ذكر جملة من الرّواة يقول إنّه مجهول. (٢)
فيحتمّل أن يكون المراد جهالة صحبته أو جهالة روايته أو جهالة حاله ، ولو من غير جهة الصدق والكذب ، وأمّا احتمال رجوع الجهالة إلى المدح والضعف ، فهو احتمال مرجوح للاطمئنان بأنّ المجهولين من هذه الجهة كثير عند الشّيخ. ولعلّ أرجح الاحتمالات هو الاحتمال الثالث ، كقوله في محمّد بن عبد الله في أصحاب الصّادق في رجاله : روي عنه أبان بن عثمان ، ولم نثبت معرفته.
__________________
(١) ويدلّ عليه قول الشّيخ في أوّل فهرسته : لأنّ كثيرا من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدة فتأمّل فيه.
(٢) ولعلّهم يبلغون خمسين شخصا.