وممّا ينبغي ذكره أنّ الظاهر ممّن يعنونه النجّاشي في كتابه ، هو كونه إماميّا اثنى عشريّا ، كما يظهر من أوّل كتابه (١) ـ وهذا مخصوص به وليست الاصول الثّلاثة الرجاليّة المتقدّمة واجدة لهذه المزية ، فيحكم بإيمان كلّ من تعرّض له النجّاشي ولم ينصّ على خلافه ، نعم ، في بعض الموارد عدل قدسسره عن هذا الأصل ولم ينبه على فساد مذهبه ، كما في : عبد الله بن بكير والسكوني وغيرهما ، كما يظهر للمتتبّع ، كما أنّه سكت عن توثيق جملة من الأجلاء ، إذ من البعيد توقف النجّاشي في وثاقة مثل هؤلآء ، أو اعتقاده عدمها فيهم فكان بوسعه أن يجعل كتابه أنفع ممّا كان عليه الآن ، وعذره عندي إنّه لم يكن يعلم أنّ توثيقاته تصير بعد مدّة من الزمن ذات أهمية عظيمة ، بحيث تدخل فيما يتوقّف عليه استنباط الأحكام الشّرعية.
فوائد مهمّة :
الاولى : ذهب جمع إلى تقديم قول النجّاشي على أقوال غيره من أهل الرجال في فرض التعارض ، وقد نقل السّيد بحر العلوم قدسسره وجوها لإثبات هذه الدعوي. (٢)
١. تأخّر تصنيف كتاب النجّاشي عن كتابي الشّيخ في الرجال ، وهما أجلّ ما صنّف في هذا العلم ، وكانا للنجاشي من الأسباب الممدة وزاد عليهما شيئا كثيرا ، وخالف الشّيخ في كثير من المواضع ، والظاهر في مواضع الخلاف وقوفه على ما غفل عنه الشّيخ.
٢. ما علم من تشعب علوم الشّيخ رحمهالله وهو يقتضي تقسيم الفكر وتوزّع البال ؛ ولذا أكثر عليه النقص والإيراد بخلاف النجّاشي ، فإنّه عني بهذا الفنّ ، فجاء كتابه فيه أضبط وأتقن.
٣. استمداد هذا العلم من علم الأنساب والآثار وأخبار القبائل ، وهذا ما عرف للنجّاشي ودلّ تصنيفه فيه ، كما يظهر من استطراده بذكر الرجل أوّلا وأخوانه وأجداده ، وبيان أحوالهم حتّى كأنه واحد منهم.
٤. كون أكثر الرّواة عن الأئمّة عليهمالسلام من الكوفة ونواحيها ، والنجّاشي كوفي (٣) من وجوه أهل الكوفة ، فهو أخبر بأحوالهم ظاهرا.
٥. ما اتّفق للنجّاشي من صحبة الشّيخ العارف بهذا الفن الخبير بهذا الشّأن ، أحمد بن الحسين
__________________
(١) لكنّه ليس بثابت كلّ الثبوت لاحتمال أن يكون مراده مطلق الشّيعة دون الإماميّة ، فلاحظ : أوّل كتابه ، وأول الجزء الثّاني منه.
(٢) لاحظ : رجاله : ٢.
(٣) تقدّم أنّه ولد قرب بلدة سامراء ، فكأن مقامه كان بالكوفة.