ينقلون إلّا عن الثقات ـ ولو في خصوص الخبر الّذي ينقلونه ـ فيجيء فيه الكلام السّابق من أنّ الوثوق الحاصل من جهة القرائن الاتّفاقيّة غير كاف في حصول الوثوق لنا على نحو يدخل الخبر في موضوع الحجيّة كليّة.
وبالجملة : لو كان الإجماع المدعي ظاهرا في ذلك ، فكفايته في وجوب العمل بالخبر الّذي يرويه أصحاب الإجماع ، مع عدم ثبوت وثاقة المروي عنه ، أو ثبوت ضعفه لا يخلو من إشكال ، فلاحظ وتأمّل. انتهى كلامه رفع مقامه.
القول الخامس : حجيّة مراسيل الكافي لثقة الإسلام الكليني رضياللهعنه
أقول : وهو مجرّد حسن ظنّ.
القول السادس : حجيّة مراسيل الصدوق قدسسره كما عن الحرّ والسبزواري والبهائي (١) رحمهالله وغيرهم. ويأتي تفصيله في البحث الثّاني والأربعين.
أقول : يفهم وجه هذين القولين وضعفهما ممّا مرّ وما يأتي.
القول السابع : ما نقل عن المحقّق الحلّي في خمس معتبره (٢) من حجيّة المراسيل بشروط منها : خلوّه عن المعارض ، ومنها : خلوّه عن المنكر ، ومنها : عدم ردّه من جانب الفضلاء ، ومنها : كون المرسل الناقل شيعيّا.
وهل يعتبر مع ذلك موافقته لفتوى علماء الشّيعة عنده أم لا إليك نص عبارته بتمامها :
|
الذي ينبغي العمل به اتّباع ما نقله الأصحاب وأفتى به الفضلاء ، وإذا سلم النقل عن المعارض ، ومن المنكر لم يقدح إرسال الرّواية الموافقة لفتواهم ، فإنّا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة والشّافعي ، وإن كان الناقل عنهم ممّن لا يعتمد على قوله ، وربّما لم يعلم نسبته إلى صاحب المقالة ، ولو قال إنسان : لا أعلم مذهب أبي هاشم في الكلام ولا مذهب الشّافعي في الفقه ؛ لأنّه لم ينقل مسندا كان متجاهلا ، وكذا مذهب أهل البيت عليهمالسلام ينسب إليهم بحكاية بعض شيعتهم سواء أرسل أو اسند ، إذا لم ينقل عنهم ما يعارضه ولا ردّه الفضلاء منهم. |
نقول لهذا المحقّق الفقيه عميق النظر وسيع الاطلاع رضياللهعنه :
نمنع التجاهل إذا لم يكن النقل محفوفا بقرينة خارجيّة فإنّ خبر الواحد لا يكون مفيدا للعلم ، فكيف يكون مدعي عدمه متجاهلا؟
__________________
(١) مقباس الهداية : ٤٩.
(٢) وسائل الشّيعة : ٢٠ / ٧٣ ، الطبعة المتوسطة.