بل يكون محقّا في دعواه ، ولعلّ مراد المحقّق المسائل العامّة المشهورة الظاهرة.
وعلى الجملة : إذا حصل الاطمئنان بصدور الرّواية المرسلة الجامعة لما ذكره من الشّروط من المعصوم فهو ، وإلّا فلم يوجد دليل على حجيّتها في كلامه وفي كلام غيره نخضع له ، وله تفصيل آخر يأتي في آخر هذا البحث.
القول الثامن : ما عن الفاضل المقداد في تنقيحه من حجيّة مراسيل الشّيخ الطوسي قدّس سره بحجّة أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة ، وهو أعلم بما قال.
وبمثله قيل في : حقّ النجّاشي ، وابن عقيل ، والإسكافي ، والكلّ نشأ من حسن الظّن.
أقول التّاسع : ما عن الشّهيد رضياللهعنه في محكي غاية المراد بأنّ مراسيل الثقات من الأصحاب مقبولة معتمدة.
وقال الفاضل المامقاني :
|
أراد بالثقات من وثقوه ولم ينصوا بأنّه يروي عن الضعفاء ، وحينئذ فتعتدل جملة من المراسيل لعدم قصور هذه الشّهادة من التّوثيقات الرجاليّة فلا تذهل. (١) |
أقول :
هذا الكلام من مثل الشّهيد عجيب فإنّه رحمهالله يعلم إنّ الثقات يروون عن الضعفاء والمجهولين ، كما يروون عن الثقات والصادقين ، فكيف يكون مراسيلهم حجّة ، ولست أتوّقع صدور مثل هذا الكلام من مثل هذا الجليل النّبيل وأمثاله.
وأمّا ما ذكره المامقاني رحمهالله ، ففيه إنّ سكوتهم عن رواية شخص عن الضعفاء دليل على أنّه لم يرو عن الضعفاء كثيرا ، لا أنّه لم يرو عن ضعيف أصلا ، وعليه فلا تلبس المراسيل لباس الحجيّة.
وأمّا عدم قصور هذه الشّهادة عن التّوثيقات الرجاليّة ، ففيه أنّه واضح الضعف فإنّ كلام الشّهيد رحمهالله اجتهاد حدسي لا يجوز العمل به لمجتهد آخر ، بل للكلّ ؛ لبطلان تقليد الميت ابتداء ، وهذا بخلاف الإخبار عن حسّ ، فإنّه حجّة كما مرّ.
ولعلّ مراد الشّهيد من الثقات الثقات المعيّنون الّذين ادّعي الإجماع على قبول مراسيلهم ، ولكنّه أيضا عندنا غير تامّ ، كما سبق مفصّلا.
ثمّ إنّه ربّما يقال : إنّ المرسل ـ كالصدوق رحمهالله ـ إذا أرسل الرّواية بلفظ : روي عن
__________________
(١) خاتمة تنقيح المقال : ٣ / ٩٩.