|
على ما نقله جماعة ، وبين جامع للأحاديث من غير التفات إلى تصحيح ما يصحّ ورد ما يرد ... فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشّيخ على وجه يجبر ضعفه ليس بمتحقّق ، ولما عمل الشّيخ بمضمونه في كتبه الفقهيّة جاء من بعده العلماء ، واتّبعه منهم عليها الأكثر ، تقليدا له إلّا من شذّ منهم ، ولم يكن فيهم من يسبر الأحاديث وينقب عن الأدلّة بنفسه ، سوى الشّيخ المحقّق ابن إدريس ؛ وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقا ... ومثل هذه الشّهرة ـ أي : بعد الشّيخ ـ لا تكفي في جبر الخبر الضعيف ... وأمّا الكبرى فيرد عليها ، إنّه لا ملازمة بين اعتمادهم على قرينة جابرة أو كاسرة ، واعتمادنا عليها ، فلعلّها لو وصلت إلينا لم نرها صالحة للاعتماد عليها. |
ويقول سيّدنا الأستاذ الحكيم قدّس سره في حقائق الاصول :
|
المحتمل بدوا في أدلّة حجيّة الخبر أحد أمور ثلاثة : الأوّل : حجيّة الخبر المظنون بصدوره بالنظر إلى نفس السند ، مثل كون الرّاوي ممّن يظّنّ بصدقه. الثّاني : حجيّة مظنون الصدور ولو بالنّظر إلى ما هو خارج عن السند ، مثل عمل الأصحاب به واعتمادهم عليه. الثالث : حجيّة ما هو أعمّ من ذلك وما هو مظنون الصحّة ، ومطابقة مؤدّاه للواقع ، ولو بالنظر إلى الخارج ، كما لو كان الخبر موافقا لفتوى المشهور وإن لم يعتمدوا عليه ، كخبر الدّعائم والرضوي ونحوهما. وظاهر المصنّف ـ صاحب الكفاية ـ استظهار الثالث من أدلّة الحجيّة ولا يخلو من تأمّل ، بل المتيقّن هو الأوّل ، وإن كان الثّاني أظهر. (١) |
أقول : المتيقّن من الأحاديث الواردة في حجيّة الخبر ، هو حجيّة خبر العادل ، والأقوى حجيّة خبر الثّقة من جهة بناء العقلاء ، ولا يعتبر فيه حصول الظّن الفعلي ، نعم ، لا شكّ في حجيّة الخبر الموثوق به ، ولو لأجل الشّهرة وغيرها ، وأمّا الخبر المظنون بصدقه فهو غير معتبر ، فإنّ الظّنّ لا يغني من الحقّ شيئا.
ويمكن أن يستدلّ لأصل القول السّابق بما ذكره الشّيخ الأنصاري رحمهالله في رسائله بعد بيان أدلّة حجيّة خبر الواحد : والإنصاف أنّ الدال منها لم يدلّ إلّا على وجوب العمل بما يفيد
__________________
(١) حقائق الأصول : ٢ / ٢١٧.