يروونه ، فإنّ كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم ، وجب العمل به ، وإن كان هناك خبر يخالفه من طريق الموثوقين ، وجب إطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة.
وإذا كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه ، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجا في روايته موثقا به في إمانته ، وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد ؛ ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة ، مثل : عبد الله بن بكير وغيره ، وأخبار الواقفة ، مثل : سماعة بن مهران (١) ، وعلي بن أبي حمزة ، وعثمان بن عيسى. ومن بعد هؤلآء بما رواه بنو فضّال ، وبنو سماعة ، والطاطريون ، وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه.
وأمّا ما يرويه الغلاة والمتّهمون والمضعفون وغير هؤلآء فما يختص الغلاة بروايته ، فإن كانوا ممّن عرف لهم حال الاستقامة وحال الغلوّ عمل بما رووه في حال الاستقامة ، وترك ما رووه في خطائهم ؛ ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب في حال استقامته ، وتركوا ما رواه في حال تخليطه.
وكذا القول في : أحمد بن هلال العبرتائي ، وابن أبي عزاقر.
فأمّا ما يروونه في حال تخليطهم ، فلا يجوز العمل به على حال.
وكذا القول فيما يرويه المتّهمون والمضعفون إن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلّ على صحتّها ، وجب العمل به ، وإن لم يكن هنا ما يشهد لروايتهم بالصحّة ، وجب التوقف في أخبارهم ... ـ إلى أن قال ـ وإذا كان أحد الرّوايتين مسندا والآخر مرسلا نظر في حال المرسل ، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة يوثق ، به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ؛ ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقات الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا ممّن يوثق به ، وبين ما أسنده غيرهم ؛ ولذلك عملوا بمرسلهم إذا أنفرد عن رواية غيرهم ، ودليلنا على ذلك الأدلّة الّتي سنذكرها على جواز العمل بأخبار الآحاد ، فإن الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل ... الخ.
أقول : في كلامه مطالب :
|
١. الظاهر أنّ وجوب إطراح خبر المخالف في صورة وجود الخبر المعارض عن الإماميّة مبني على ما ذهب إليه جمع من تقديم خبر الأوثق على خبر الثّقة والموثق |
__________________
(١) يظهر من النجّاشي إنكار وقفه ، حيث كرّر لفظ ثقة في حقّه ، وقال : ثقة ثقة.