|
في صورة التعارض ، ونحن قد ناقشنا هذا القول بعدم دليل معتبر يدلّ عليه فلا عبرة به ، فيكون خبر المخالف الثّقة حجّة في عرض خبر الموافق الثّقة. ومع التعارض بينهما يرجع إلى المرجحات المعتبرة ، ومع فقدها يحكم بالتساقط ، وقد فصّلناه في أوّل كتابنا حدود الشّريعة في واجباتها. (١) وبالجملة : لا يزيد شروط اعتبار خبر الموثق على شروط اعتبار خبر الثّقة ، وإن خبر غير الإمامي ـ سواء كان عاميّا أو شيعيّا ـ وخبر الإمامي على حدّ سواء لبناء العقلاء على حجيّة خبر الصّادق مطلقا ، ولا إجماع تعبّدي على خلاف هذا البناء. ٢. الرّواية الّتي نقلها عن الصّادق عليهالسلام لم نقف على سندها عاجلا ، ليحرز صحّتها ، أو سقمها فلا نعتمد عليها ، على أنّ متنه مبهم لا يفي بمراد الشّيخ رحمهالله. ٣. ربّما يستفاد من إطلاق كلام الشّيخ قدّس سره لم يعتبرها كما اعتبرها ، وقيد بها حجيّة أخبار الشّيعة غير الاثنى عشريّة في ذيل كلامه ، فإن كان إطلاق كلامه مرادا له ، فهو باطل ؛ إذ ليس حال رواة العامّة عن علي عليهالسلام أو عن أحد من الأئمّة عليهمالسلام بأحسن من رواة الشّيعة عن علي وسائر الأئمّة عليهمالسلام ، حيث يعتبر في حجيّة رواياتهم وثاقتهم ، فكيف لا تعتبر فيهم؟ وكأنّ الشّيخ تمسّك في ذلك بإطلاق الرّواية المذكورة ، لكنّها إن تمّت دلالتها أو إطلاقها ، تمّت في رواة الشّيعة الّذين يروون عن الأئمّة عليهمالسلام أيضا. والمتأمّل في صدر كلام الشّيخ وذيله ـ بطوله ـ يظنّ أنّ هذا الإطلاق غير مراد له ، بل مراده حجيّة روايات العامّة إذا كانوا ثقات لا مطلقا ، لكن احتمال عمل الشّيخ بروايات العامّة استنادا إلى إطلاق تلك الرّواية الضعيفة تعبّدا ، قائم لا سبيل إلى نفيه ، وإن كان مرجوحا ، وعليه فلا يستفاد وثاقة السكوني ومن ردف به في كلامه. ٤. عمل الطائفة بأخبار من ذكرهم من العامّة يحتمل أنّه لأجل إحراز صحّتها من القرينة الخارجيّة ، أو لكونهم من الثقات في نقل الإخبار هو المنسوب إليه وهو بل المنصوص في كلامه المنسوب إليه : أجمعت العصابة على العمل بروايات السكوني وعمار ومن ماثلهما من الثقات. (٢) |
والحاصل : على فرض صدور هذا الكلام منه ، حجيّة روايات هؤلآء الاربعة ، وأمّا غير المذكورين بأسمائهم في كلامه فلا سبيل لنا إلى احرازهم.
__________________
(١) وقد ذكرنا في الطبعة الأخيرة من حدود الشريعة ، التي قام بها مكتب الإعلام الإسلامي في أوّل المجلّد الثاني : قسم الواجبات ، حول الترجيح والتساقط كلاما دقيقا.
(٢) انظر : وسائل الشيعة : ٢٠ / ٨٨ ، وكذا الوسائل : ٣٠ / ٢٣٢ ، الطبعة الحديثة وغيرها.