هذا ولكن الشّيخ نفسه ضعّف عمّارا فعن الاستبصار (١) : أنّ عمّارا ضعيف ، فاسد المذهب لا يعمل على ما يختص بروايته.
نعم ، وثقه في تهذيبه (٢) ، وقال : ثقة في النقل لا يطعن عليه فيه.
__________________
(١) الاستبصار ، باب السهو في صلاة المغرب : ١ / ٣٧٢ ، الطبعة الجديدة.
(٢) التهذيب : ٧ / ١٠١ ، برقم : ٤٣٦ ، ونصّه :
والأصل فيها عمّار بن موسى الساباطي ، وهو واحد ، قد ضعّفه جماعة من أهل النقل ، وذكروا أن ما يتفرد بنقله لا يعمل به ؛ لأنّه كان فطحيّا ، غير أنّا لا نطعن عليه بهذه الطريقة ؛ لأنّه وإن كان كذلك ، فهو ثقة في النقل لا يطعن عليه.
وأمّا خبر زرارة ، فالطريق إليه على بن حديد ، وهو مضعف جدّا لا يعوّل على ما يتفرد بنقله.
أقول : فما في الاستبصار من تضعيفه يحمل على مذهب غيره ، أو يحمل على تسامح الشّيخ رحمهالله ، والأظهر أنّه عدول عنه في العدّة ، إن فرض تأخر تأليفه من الاستبصار.
ثمّ إنّ توثيق الشّيخ لا يعارض بتضعيف جماعة من أهل النقل ؛ لأنّ ظاهر كلام الشّيخ أنّ تضعيفهم مستند إلى فساد مذهبه ، وهو عنده وعندنا ضعيف ، فإنّ فساد المذهب أمر ، والصدق في المقال شيء آخر ، وهو المعتبر في حجيّة الخبر.
ثمّ المراد بمن ماثلهما هو : غياث بن كلوب ، ونوح بن دراج ، وحفص بن غياث ، كما تقدّم إردافه إيّاهم معهما.
وأمّا عمل الطائفة برواياتهم فوجهه غير محرز ، فلعلّه لمطابقتها مع الكتاب والسنة بزعمهم ، أو لأنّ معظمها في غير الأحكام الإلزاميّة ، أو غير ذلك ، فلا نطمئن بوثاقتهم من مجرّد العمل ، إذا فرضت رواياتهم قليلة مجموعة في كتاب.
هذا ولكن في الاعتماد على الدعوى المذكورة بحث ، فإنّ الصدوق رحمهالله ـ وهو من أعيان الطائفة قال في باب ميراث المجوسي الفقيه : ٤ / ٣٤٤ ـ : ولا أفتي بما ينفرد السكوني بروايته.
وهذا الكلام سواء صدر من ضعف السكوني في أقواله ، أو في مذهبه يضعّف دعوي الشّيخ رحمهالله في عمل الأصحاب برواياته ، وضعّفه المحقّق رحمهالله في غير مورد من محكي معتبره : ـ ١ / ٣٧٦ و ٣٩٩ و ٤٣٧.
ولا يعلم تقدّم تأليف نكت النهاية والمعتبر على المسائل الغرويّة؟
أو عكسه ، فإنّ المحقّق ضعّفه فيهما ووثقة في الأخيرة ، وضعّفه الشّهيد الثّاني أيضا في الروضة والمسالك ، وكذا غيره ، بل في سماء المقال للكلباسي نسب ضعف أخباره إلى المشهور ، وكفى بهذا موهنا لكلام الشّيخ رحمهالله.
ثمّ لا يعلم أنّ تأليف كتاب المسائل الغرويّة هل هو مقدّم على تأليف : المعتبر ونكت النهاية اللتين ضعّف المحقق رحمهالله السكوني فيهما ، أو مؤخر عنهما ، فلا يعلم نظره الأخير في حقّه ، بل نقل عن المعتبر : ١ / ٢٥٢. أيضا توثيقه.
وقال السّيد بحر العلوم في آخر كلامه :
إنّ ما اشتهر الآن من ضعف السكوني فهو من المشهورات ، الّتي لا أصل لها. رجاله : ٢ / ١٢٥.
ويظهر منه إنّ المشهور بين العلماء في عصر بحر العلوم ضعف السكوني.
وقال أيضا : حكي عن الشّيخ أنّه قال في مواضع من كتبه : إنّ الإماميّة مجمعة على العمل برواياته ، وروايات عمار ، ومن ماثلهما من الثقات. المصدر : ٢ / ١٢٤.
أقول : لم أجد في كتاب الطوسي ؛ العدّة وغيره وإنّي وإن عملت لحد الآن بروايات السكوني ، لكن بعد هذا أتوقّف عنه ، ما لم أجد تلك الجملة في كلام الشّيخ.